مقدمة
عودة أخرى للحديث حول التدوين في ليبيا ومجتمع التدوين، والذي كان ولازال مجتمع مفكك وغير مترابط، كل شخص يحكم في دولته (مدونته) لوحده وليس لدينا دافع أو نشاط لتكوين مجتمع خاص بنا إلا لو كان يمشي مع أهواء مؤسسين هذا المجتمع.
لطالما تحدثت طيلة سنوات مع عدة مدونين قدامى وجدد عن فكرة إنشاء مجتمع أو موقع أو صفحة تلمنا وتجمعنا وتعرف بنا، لكن لطالما كانت ردود الأفعال قولاً 100% وفعلاً 0% ثم بعد فترة قصيرة أكتشف ظهور مبادرات فردية ومشوهة وغير موضوعية وتعتمد على المزاج والرأي الشخصي لفاعلها دون العودة لأصل الدافع وهو أن يكون الأمر جماعي.
ما أتمنى وجوده هو كيان بسيط يضع معاييراً أو ميثاق للمدون الليبي يرسم شكلاً لماهية هذا المجتمع ويوضح قائمة بالمنتسبين إليه، وربما يكون هذا الكيان مجرد موقع على الإنترنت على هيئة مدونة جماعية يكتب فيها الجميع أفكاره بكل حرية.
ربما ينتج عن نشوء مجتمع كهذا على الإنترنت، إنشاء لقاءات أو حلقات نقاش على أرض الواقع، ربما نحن بحاجة لجهة معينة تملك قاعة محاضرات ننشيء فيها هذه اللقاءات، ربما نتفق على التحشيذ لظاهرة سيئة في مجتمعنا ونكتب ونتحدث عنها، كل في مجاله وخبرته، سواء بالكتابة أو الصورة أو الصوت أو الفيديو، يكون لدينا وسم خاص على الشبكات الإجتماعية يجمع أحاديثنا في مكان واحد بدل عن التشتت.
الفيسبوك صار المنصة رقم واحد لمعظم المدونين، لكنها لازالت منصة قاصرة، فهي لا تتيح لك البحث في منشورات شخص معين، ولايمكنك البحث عن تصنيفات معينة لما يدونه شخص ما، فلن تجد تصنيف سياسة، تصوير، علوم، شروحات، بل كل المنشورات مرتبة زمنياً فقط، ولأن تصميمها هو تصميم زمني لحظي وأرشفتها مختلفة كلياً عن منصات التدوين، فهي متوجه للتواصل بين الناس، وبين الناس والمؤسسات، أي بإختصار هي منصة للتواصل لا للتدوين، وقد تحدثت عن هذا الأمر فيما سبق العديد من المرات.
تفاعلنا
ربما يتبادر للكثيرين أن مجتمع المدونين الليبي هو من يكتب ويمتلك مدونة فقط، لكني أحب وصف التدوين الليبي بأنه متنوع، صواء بالكتابة أو الصورة أو الصوت او الفيديو.
كنت في يوم من الأيام، مصوراً هاوياً، وتعرضت للكثير من المضايقات قبل 2011 وبعدها، وللأسف كانت أشدها خطورة هي التي في مايسمى بـ “عهد الحرية” ولم أجد أي جهة حتى ولو شكلية تدعمني وتدافع عني، حتى أن المدونين الليبيين لم يهتموا بهذه المشاكل ربما لأن الأمر لم يحدث لهم أو لأن المشكلة في نظرهم ليست مشكلة أساساً.
قبل 2011 كنت أكتب على الإنترنت سواء في مدونات أو على منتدى طرابلس، وحدثت لي الكثير من المضايقات، مع أني لا أكتب في السياسة، لكن أجد أن هناك الكثير من المرضى لا يريدون لأحد أن يظهر في الصورة خارج كيانهم الخاص، وقد كانت هناك عدة كيانات في الداخل والخارج، منها المعارضون السياسيون ومنها الثورويون الخضر في الداخل ولا ننسى المنتسبين لعالم التدوين السياسي، الحر في الظاهر وعميل للمخابرات حقيقة، والذين يجندون كل من يرونه مناسب لأجل حماية نظام معمر القذافي السابق وإظهاره في صورة الشفاف والحر والذي يبدو لغير المطلع أنه فيه سلطة رابعة، بينما هو في الحقيقة مجرد مافياً تم تجنيدها لأغراض سياسية.
عن نفسي، وخوفاً من ضياع كل ما كتبته في حالة لو تم إختطافي وعدم قدرة أحد على دفع ثمن استضافة مدونة طرابلسي الخاصة، قمت بالتحول على منصة تدوين مجانية حتى أضمن بقاء كلماتي لأطول فترة ممكنة حتى بعد رحيلي عنكم، لأني اعلم إني في حالة غيابي فلن يشعر أو يحزن أو يقدر ذلك إلا زوجتي وأطفالي وعائلتي، فالبقية ستحزن لفترة ثم تنسى، أما عن ما أكتبه على الإنترنت فهو للغالبية مجرد هراء ومضيعة للوقت لأنها لاتجلب مالاً ولا تحقق جاهاً أو سلطة، فهي مجرد “هروكة” لا معنى لها.
لو وجد لدينا كيان أو جهة ما ترعى حقوق المدونين في ليبيا لربما إرتحت أكثر لأني سأكون متأكداً من وجود مدافعين عني ويدفعون بكلمتي وقضيتي (مهما كانت) حتى لو رحلت عنكم، مهما كان نوع الرحلة، مؤقتة أم دائمة!
في هذا الوقت، من يختفي يختفي، ومن يرحل يرحل، ولن يذكره أحد وستختفي صفحاته وكلماته.
كلٌ يغني على ليلاه
لم يكن في يوم من الأيام وجود لكيان خاص بالمدون الليبي الحر، البعيد عن السياسة، القريب من مشاكل الشارع والمواطن دون أغراض خفية وسياسية، بل هدفه هو الإصلاح ونشر ثقافة حب الخير للغير مهما كان لونه ونوعه وإنتماءه بعيداً عن خطاب الكراهية، كما أود أن يكون لهذا الكيان وجود على أرض الواقع للدفاع عن حقوق المدونين الليبيين في حالة حدوث شر لا سمح الله لأي فرد فيهم.
عشنا فترة طويلة تحت ثقافة الرأي الواحد والحكم الواحد و”الصقر الواحد”، ربما علينا أن نخرج من هذا الصندوق ونبدأ في التفكير في أنفسنا وأن نعي أننا علينا التعاون وزرع بذور خير لعلها تنتشر في مجتمعنا وتكبر، وتؤثر على آخرين.
أتمنى أن لا نتفرق ونقرأ هذه الكلمات ثم نذهب لإنشاء مبادراتنا الفردية بعيداً عن بعضنا البعض، كما أتمنى أن يتم الإستفادة من نطاق قمت بحجزه منذ فترة لأجل تكوين مجتمع مدونين ليبيين وأن نتكافل لجعله شيء ما مفيد للكل ومكان موحد للمدونين الليبيين تحت ميثاق واحد.
مثال لمجتمع المدونين في دول أخرى وكيف تفاعل الجميع مع مأساة حدثت لمدون معروف على اليوتيوب حين إحترق منزله وخسر كل ما يملك، وكيف أن المجتمع بادرو بتجميع المال وشراء بعض الأشياء له ليستمر في التدوين ولا يتوقف، إليكم فيديو مأساة المدون Austin Evans، كما سجله وقتها ولاحظوا تلك الروح المتفائلة وكيف إنه واجه مصيبته بإيجابية تحرك المشاعر، دون لوم أحد ودون أن يتحدث بلغة كراهية إلا أنه متأسف لما حصل بل ويضحك على أن هناك شجرة لم تحترق!
وهذه فيديوهات لردود الفعل التي قام بها مدونون زملاء له
ربما ماحدث لم ولن يحدث لي ولك، لكن ردة الفعل كانت رائعة بحق، ولم يكن الغرض منها إلا تشجيع الآخر على العطاء والإستمرار، لم يكن من وراؤها أي غرض سياسي أو تجاري أو إستغلالي، هم رأوا أن هذا المدون يستحق أن يستمر، ولم ينتظروا الدولة لتفعل شيء له، لم يلوموا أحداً على عدم وجود كيان يحميهم أو يعتني بهم، هم قاموا بأنفسهم بمعالجة جروح بعضهم البعض، وبأنفسهم دون إنتظار أحد.
وها ما اتمنى حدوثه في مجتمعنا اليوم في خضم مانعانيه من إنكسار وسلبية وحروب وأحزان، نحن بحاجة لأن نعتني بأنفسنا وعدم إنتظار المبادرة لتحدث من احد، علينا أن نتعاون ونشجع غيرنا ونأخذ بيد من يفكر ونعتني به ونساعده ونجعلها فكرتنا لا فكرته هو فقط، لنتبعتد عن السلبية والإتكالية، ولنبادر بالمشاركة فوراً ولنجتمع ونرسم مستقبلنا معاً.
من الأشياء التي يصعب تحقيقها عندما تكون النظرة الى المصالح متفرقة ولا يجمع بين عدد من المهتمين بها هدف واحد او مصلحة واحدة يرى انها ستحقق من وراء الشيء ، كما حدث في اجتماع عدد كبير من الناس على هدف عدم الرغبة في استمرار حكم معمر ، و هي هدف مشترك و ربما كان لكل هدفه من وراء هذا الهدف المشترك و الذي جعل الامور تتغير لاحقا … فبدون وجوج هذا الهدف المشترك لن يكون هناك اجتماع ، حتى و ان رأيت انت او أنا او غيري ان هذا هو الصواب الذي يجب العمل عليه و هو الشيء الذي يجب ان نسعى اليه ان كنا نعد انفسنا من المدونين او الراغبين في ان تنتشر قاعدة التدوين فينا ، التجربة العملية في العديد من المرات ، و ربما لك انت تجاربك و غيرنا كذلك ،
ان العمل الجماعي في مجتمعنا غالبا يولد ميتا او مشوها او لا يولد ابدا ، و لا ينشط الا في الاجتماعات و طرح الافكار و عندها قد تسمع ما لا تتخيله و ترى التفاؤل و انه بالامكان القيام بكذا و كذا و نظريات عديدة جدا ، و لكن ترجع الى الحقيقة لتجد ان كل شيء ينتهي عند الاجتماع ، و هذا ليس في التدوين فقط انما حتى في ما عرفه الناس بالعمل المدني او مؤسسات المجتمع المدني الذي لا وجود له الا قليلا … و هذا ما يدفع من يستطيع العمل او لديه رغبة حقيقة او استمتاع او اي دافع من الدوافع للاستمرار فيما يقوم به و لكنه يكتفي عادة بان يقوم به على نطاقه هو بما استطاع هو ولا ينتظر احدا ولا ينتظر اجتماعا … فتصور انت يا علي لو انك توقفت عن التدوين لانه لم يستجب احد لنداءات متكررة بان يكون هناك مجتمع ، واقعه مفتت كتفتت هذا المجتمع الا من رحم الله ، فهذا هو الخسارة ، و لا يجب ان تتوقف ولا يتوقف احد لانه لم يكن هناك استجابة لانه من لاصعب ان تكون هناك استجابة بهذا الواقع الذي عليه اغلب المهتمين بهذا الموضوع … التجربة الشخصية في هذه الامور قالت لي ، أنه لن يكون هناك اجتماع ما لم يكن هناك مصلحة ، بمعنى ( ولا اتحدث عن التدوين هنا ) انه ما لم يكن هناك مردود مجزي من وراء هذا العمل ( الخيري التطوعي المجاني) فلن استمر فيه ، اه ربما اكون معكم في حملة في فترة محددة في عمل عابر في احتفال ولكن ان استمر اعمل بلا مقابل فهذا لا … هذا ما عرفته و رأيته و اختبرته بان الغالبية يبحث عن الدافع المجزي ، و لا يكفيه ان يمارس هوايته او يدعوا الى الخير او الاصلاح او يقول كلمة قد تفيد غيره و تنفعه هو … الا من رحم الله ممن يستهويه هذا المجال او اي مجال اخر … بحيث انه يعمل عمله و يمارس هوايته كما تفعل انت و غيرك كثير ، و لكن ان يجتمع الكثير بصورة او تصور دون وجود العائد الذي ليس بالضرورة مادي ، رغم ان المادي يجتذب عددا اكبر ، سيكون امرا صعبا جدا ، و لا اتوقع ان ينجح ما تطلبه الا بشكل فردي متكرر ، بحيث ان يكثر عدد لمدونين و ينشطوا و يجربوا و من ثم تتداخل مصالحهم و اهدافهم بحيث يكون ما تدعوا اليه احتياج .. و ضرورة و ليس ترف كما يراه كثيرون اليوم و هم ( مش فاضيين له كما وصفت و سمعت منهم عن وصفهم لك)
بالتالي اعتقد انه من الصعب ان يجتمع الجميع على كلمة واحدة ، إلا عندما يكون هناك اهتمام حقيقي بما يدون و يكون التدوين لهدف التدوين و هدف قول كلمة للخير في الخير دون انتظار هدف .
نعم التدوين أصبح مصدرا للدخل عند من عرضت الفيديوات منهم و فعلا لديهم مبدأ التعاون لانهم يرون انهم اصحاب مهنة و احدة و اصحاب مبدأ واحد … و لكن عندما تلتفت لنا نحن و ربما اغلب العرب … ستجد أننا لا نحمل ذات الهم ولا نجد مردودات مادية من وراء ما ندونه او نكتبه عنه و لكن بعضنا يرجوا ان يكون من يقولون كلمة تنفع انسان يوما ما في مكان ما بشكل ماء فنؤجر او تغفر بها ذنوبنا …
عذرا ان كنت اطلت و لكن حاولت ان اصف ما يدور حولنا مما راى، و اعتقد انه ما لم يزداد عدد المدونين و ينشطوا و تظهر تأثيراتهم بشكل حقيقي في المجتمع ، و يكثر القراء ايضا و هم قلة … لن يكون هناك اجتماع حقيقي في مبادرة قوية كالتي تنادي اليها .
و الاهم من هذا أن لا تتوقف و تستمر و يستمر كل من يستمتع و يهوى الكتابة و التدوين … فيما يفعله و نحاول تشجيع غيرنا ليبدأ في النشاط ايضا ، حتى تسير العربة و ربما بعدها … تنطلق
بارك الله فيك
اعذرني على الاسترسال في الكتابة و التعليق …
ملاحظة تستخق الاحترام والمتابعة
اللي تتكلم عليه يا استاذ علي كل مدون يتمناه لكن لنكن صريحين في ليبيا كل شخص يريد ان يبقى هو المسؤول وهيكون في حرب باردة بين المدونين وبالاخص القدامى على من يكون القائد او الزعيم
المدونة التي يديرها شخص واحد في ليبيا افضل من المدونات التي يديرها مجموعه من الاشخاص
وزى ماقتلك لان كلها تتعارك على من يكون القائد
لحتى تتغير عقلية المدون الليبي يمكن وقتها يصير من العمل الجماعي بين المدونيين
وتحياتي لك
تنبيه Pingback: رسالة لكل مدوّن | موقع علي الطويل
تنبيه Pingback: مجتمع المدونين الليبيين 2 | موقع علي الطويل