تخطى إلى المحتوى
الرئيسة » المدونة » سلاح الجماهير

سلاح الجماهير

هل الناس معاً في عصر الإنترنت من الممكن أن يشكلوا سلاحاً لنصرة المظلوم؟

القصة الأولى

قصة تم نشرها على موقع PetaPixle تحكي عن تجربة أحد المصورين الفوتوغرافيين (J Salmeron) في عالم التصوير وحقوق الملكية الفكرية بعد أن فشلت مساعيه لحل مشكلته سلمياً، ليقرر نشرها للعلن لأخذ العبرة منها، وقد تم نشر القصة بالأصل في موقع المصور ذاته، وسأنشر هنا خلاصة لها فإن أردت متابعة تفاصيلها بالكامل من فضلك راجع الروابط التي أنشأتها في هذه المقالة كما يحلو لك.

قام السيد سالميرون بتصوير حفلة لفرقة موسيقية اسمها Arch Enemy ونشر بعض الصور على حسابه في إنستاقرام، فقامت المغنية الرئيسة للفرقة والموجودة في الصورة بإعادة نشر إحدى هذه الصورة على حسابها في إنستاقرام، فقامت المصممة لأزياء الفرقة (Thunderball Clothing) بنشر الصورة ذاتها على حسابها في إنستاقرام لأن أزياء الفرقة هي من تصميمها، على حد قولها.

حين إكتشف المصور ذلك، لم يهتم كثيراً بنشر المغنية لصورته لكنه قام بمراسلة المصممة وسأل عن كيفية دفع رسوم لقاء إستخدامها التجاري للترويج لعلامتها التجارية بإستخدام صورته، وأخبرها بكل أدب أنه في العادة يتقاضى مبلغ محدد لقاء ترخيص استخدام صوره، لكن يمكنها أن تختار مؤسسة خيرية للتبرع بأقل مما تدينه له وقد إختار لها مؤسسة تعنى بمرضى السرطان:

Dear Marta,

My name is J. Salmeron, I’m a photographer and [an] attorney based in the Netherlands.

I’m contacting you because yesterday you posted my photo Alissa White-Gluz, taken at Fortarock, and used it on your site to promote your products (the photo is uploaded here: [the link is now broken]).  So far the photo has gathered more than 200 likes, and has been viewed, of course, not only by your over 10 thousand followers, but also by anybody looking for tags related to Alissa White-Gluz.

Your use of my photo is unauthorized and, as I’m sure you are aware, represents a clear and blatant breach of my copyright. This infringement is, of course, made more serious when we take into consideration that your use of my photo is in connection with your business, which you are trying to promote with this post.

In general, I charge a fee of at least €500 (five hundred Euro) to businesses that have posted my work in an unauthorized manner. In this case, however, I would be willing to forget about this problem and let you keep up the above post in exchange for a donation of €100 (one hundred Euro) to the Dutch Cancer Foundation. This is an organization that seeks to benefit cancer research as well as improve the quality of life of cancer patients. I can send you a link for the donation (which would be direct to the foundation, not through me) if you accept this method of payment.

I am looking forward to hearing from you.

ردود فعل

الفرقة والمصممة

كانت فحوى الرد من المغنية الرئيسة للفرقة أنها تقوم بنشر مثل هذه الصور لقاء “تعريض مجاني” لأعمال المصورين أو ما يسمى بالإنجليزية (free exposure) أي أنها تعتبر نفسها تقدم خدمة مجانية للمصور حين تستعمل صورهم فهي تزيد من شهرتهم، مما يعني أنها يجدر بها تقاضي المال من المصور لقاء نشرها لأعماله على صفحتها، لا أن تدفع لقاء إستخدامها! يا للوقاحة!

المصممة لم ترد على رسالة المصور، بل راسلت المغنية الرئيسة للفرقة وفسرت الرسالة على أنها إبتزاز فحسب فهمها فإستخدام الصورة هو حق من حقوق كل الراعين الرسميين للحدث، والمصور عبر عن رأيه بكل صراحة في رسائل لاحقة أنه يتساهل مع المشجعين للفرقة ممن يقومون بنشر صوره لكنه لا يتساهل مع الشركات أو المؤسسات التي تستعمل أعماله في الدعاية لمنتجاتها، كما أنه لا مانع عنده من ان تنشر المغنية الرئيسة للفرقة الصورة على حسابها حتى بدون مقابل حسب حديث جرى بينهما عبر الرسائل الخاصة والتي تم نشرها في المقالة الأصلية.

أي ببساطة إعتبر جميع الأطراف عدا المالك الأصلي لحق نشر الصور، أن من حقهم إستخدام صور السيد سالميرون بل وتم إعتباره مبتز وتجب معاقبته بناء على ذلك، فالمغنية الرئيسة للفرقة إنزعحت جداً لأن المصور ضايق صديقتها المصممة بطلبه 500 يورو منها بينما لم يكن هذا مقصده فقد كتب بوضوح أنه في العادة يتقاضى 500 يورو لكنه فضّل في هذه الحالة أن تتبرع المصممة ب100 يورو لمؤسسة تعنى بمرضى السرطان، أي أنه لم يطلب شيئاً لنفسه بشكل صريح.

تم تهديد المصور في رسالة أخيرة أنه سيتم حظره من كل أحداث الفرقة، بل أنهم سيعملون على إعلام كل الممولين والمنتجين لكل الأحداث في المنطقة على عدم التعامل معه مستقبلاً لأنه مبتز!

جمهور القراء

بعد يأس السيد سالميرون، المصور، قام بنشر مشكلته بكامل تفاصيلها على موقعه وكانت هناك العديد من ردود الأفعال من مجتمع المصورين ضد الفرقة الموسيقية والمصممة وسخط تام حول القصة وطريقة التعامل مع المصور.

بعد أقل من 48 ساعة

ردود الفعل العنيفة من مجتمع المصورين وبقية القراء للقصة على مواقع التواصل الإجتماعي خصوصاً بعد نشرها على موقع PetaPixle الشهير، صنعت ضغط جماهيري كبير تمت ترجمته على هيئة كمية هائلة من التعليقات اللاذعة على كل منشورات الفرقة الموسيقية وصفحة المصممة، مما أدى إلى تعريض مجاني لسمعتهما على الملأ

قررت المغنية الرئيسة للفرقة كتابة منشور على صفحتهم في الفيسبوك بشكل رسمي وقامت بكتابة العديد من المفاهيم المغلوطة منها أنها قامت بذكر اسم المصور عندما نشرت الصورة، وأنهم قاموا بإزالة الصورة على الفور حالما علمو برأي المصور وأنهم لم تكن في نيتهم إستعمالها تجارياً، وأنهم يحتفظوا بحقهم في دعوة من يريدون لتصوير حفلاتهم، وأنهم لم ينكروا عدم رغبتهم في دفع المال لقاء إستخدام الصورة تجارياً لأنهم لم يستخدموها تجارياً!

هذا المنشور زاد من حدة التعليقات حول القصة حيث أن المغنية مازالت تعاند وتأبى الإعتراف بالخطأ وتتفادى الإعتذار.

في اليوم التالي تماما، قررت المصممة الإعتذار بشكل صريح ثم أعلنت أنها أقفلت شركتها المتخصصة في الأزياء، وهذا الأمر صعّد من الأمر حيث أن المصور تأسف جداً وعبر عن عدم رغبته في أن يحدث هذا، الجزء الثاني من القصة تم نشره في مقالة أخرى مفصلة على موقع PetaPixle.

المغنية السابقة للفرقة قامت بنشر مقالة قصيرة لها في صفحتها تنعت المصور بالتنمر وأنه كان يخطط لهذا الأمر والعديد من الإتهامات الأخرى، ولعل أشهر تعليق حول منشورها كان (بسبب الطريقة التي تعاملتم بها مع هذا الإخفاق، شخص بالفعل طيب، مصممة الأزياء التي كانت الشخص الوحيد الذي إعتذر على الخطأ، أنهت شركتها للأزياء، عمل جيد. ومازلتم لم تستعبوا الأمر)

“Because of the way you ‘handled’ this fiasco from the start, an actual good person, Marta Gabriel (who was the only one to apologize for the error) is now ending her clothing company,” writes a Matt Vicente in the most popular comment. “Nice job. And you STILL don’t get it.”

القصة الثانية

قصة تعليق مقهى الفورنو وردود فعل الناس على مدير صفحة الفورنو بيتزا حينما علق ب”اشري شيدر وديرها” بعد تعبير أحد الزبائن عن إمتعاضه حول سعر البيتزا الذي لم ينخفض حتى بعد نزول سعر الدولار، فبدلاً من شرح الأسباب أو التبرير لزبون عنده ولاء للمطعم لدرجة أنه علّق وقال أنه أحد الزبائن الذين يفضلون منتجهم على منتجات عالمية قام بتجربتها، كان الرد سخيف وسطحي للغاية.

تم نشر التعليق في مجموعة تقييم مطاعم ومقاهي طرابلس وكانت هناك الكثير من التعليقات اللاذعة والساخرة من الكثير من القراء، منها حتى من ينفي حدوث الأمر وينكر أنه قد حدث ومنه من مع مدير الصفحة وغيره مع الزبون.

بعض من جمهور القراء ناشدوا الجميع بمقاطعة المحل بسبب رد الفعل الذي بدر من مدير الصفحة وتعليقه الذي كان لسان حاله “خود ولا خلي” بل أنه تم نشر في صفحة المحل إتهام بأن الزبون قام بتعديل تعليقه (الذي تم حذفه من قبل مدير الصفحة) لكن الزبون قام بأخذ صورة وأنا شخصياً قمت برؤيته قبل أن يتم حذفه، وكلنا نعلم أن التعليق الذي يتم تعديله يظهر تحته كلمة “تعديل / Edited” وهي التي لا تظهر مما يعني ان التعليق كما هو.

قام الزبون بعد عدة أيام بنشر بعض الصور في نفس المجموعة حيث انه بالفعل قام بشراء جبنة شيدر وطبخ بيتزا منزلية سخرية منه على تعليق مدير صفحة الفورنو بيتزا ومؤكداً على مقاطعته للمحل، والتي أعتقد أنها ستستمر حتى يتم الإعتذار بشكل رسمي وتخفيض أسعار البيتزا بعد نزول سعر الدولار وإنخفاض أسعار معظم مكونات البيتزا.

تستمر حملة المقاطعة هذه الأيام على محل بيتزا الفورنو وهناك هاشتاق قد تم تخصيصه للأمر من البعض ولا أعلم كيف ستنتهي قضيته، وتستمر التعليقات حول القصة بل أن هناك من نشر فيديو يتصل فيه بمحل الفورنو ويطلب منهم سعر بيتزا وبعد سماعه السعر يرد عليه الزبون “غالي عليا، خلي بنشري شيدر ونديرها بروحي” سخرية منه على التعليق الذي أثار موجة السخط على المحل وأسعاره.

في رأيي الخاص أن حملة المقاطعة على محل بيتزا الفورنو ليست بسبب أسعاره، فلو كانت الحملة بسبب غلاء الأسعار لكانت موجهة لجميع المطاعم والمحلات، لكن السبب هو تلك النعرة والأنفة والـ”بونتو” كرد فعل على تعليق واحد فقط “اشري شيدر وديرها”.

كلنا نعلم أن الرازق هو الله وعلينا الأخذ بالأسباب، فلا تقدم خدمة سيئة للناس وتقول “الرزق على الله” أو تقعد في منزلك وتقول “الرزق على الله” والله على كل شيء قدير، ونحن علينا أن نقدم خدمات طيبة للناس ليبارك لنا الله في عملنا وعلينا ان نسعى ونعمل ليرزقنا الله من خيره ويبارك لنا.

الخلاصة

تعاضد ودعم من مجتمع إنترنت والمصورين في أنحاء العالم كان وسيلة ضغط ضخمة لا يستهان بها، تخيل معي أن كلما تم هضم حق من حقوق أي مواطن في أي مكان تم دعمه ومقاطعة الظالم بشكل قاطع والتشهير به حتى يعلم الظالم أن هناك رادع وهناك رأي عام وأنه سيخسر جماهيره ومحبيه وبالتالي سيخسر المال إن لم يتراجع ويعتذر؟

نحن كشعب ليبي في ثقافتنا يوجد شيء إسمه “بونتو” والتي تعني بالإيطالية “نقطة” أو “وجهة نظر” لكنها فعلياً تعني إمعان فعل شيء رغبة في إهانة الآخر وتحجيمه، ونراه في الرياضة والنقاشات بشكل عام وعلى مستوى المجتمع.

لا ننسى أن في ثقافتنا العربية منذ قديم الأزل نحن شعب عندنا تقديس للشرف والأنفة، حتى في الجهل حيث قال عمرو أبن كلثوم “ألا لا يجهلن أحدٌ علينا، فنجهل فوق جهل الجاهلينا” فنزعة الغضب كانت غالبة علي عصرنا الجاهلي قبل أن يهذبنا الإسلام، ولكن نعيش اليوم عصراً فيه الكثير من خصلات الجاهلية، فلما لا نحول هذه الخصلة إلى شيء مفيد؟

قوة الجماهير الواعية هي من أقوى الأسلحة، فلن يتمكن حقير من إعتلاء كرسي الحكم وسط بلاد جمهورها واعٍ، كما ان التاجر الوغد لن يجد احداً يشتري منه إن كان في وسط جمهور واعي، مهما حاول.

خلاصة ما أود قوله أن الإستغلاليين والإنتهازيين سيتواجدون في كل مكان وزمان، لكن نحن كجمهور من نعطي لهم القيمة وننزعها عنهم متى أردنا ذلك، معاً، لم أجلب المعلومة من كتاب أو من عندي، هذا واقع مُعاش.

2 فكرتين بشأن “سلاح الجماهير”

  1. مقال مخاطب للجانب الأخلاقي في كل واحد منا ,,, استشهاد بحادثتين محلية و عابرة للحدود ,,, التعاضد مستوى عالي من المدنية نحن بأمس الحاجة له اليوم ,,,

    أسجل إعجابي بالمقال تناولا و سردا ,,,

  2. تنبيه Pingback: مجتمع المدونين الليبيين 2 | موقع علي الطويل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *