مقدمة
هناك من يستعمل الشبكات الاجتماعية للتسلية والترفيه، وهناك من يستعملها للتواصل، هناك من يقول إن هذه وسيلة عامة ولكل شخص الحرية الكاملة في كيفية استخدامها، وليس لأحد الحق أن يضع شروطاً لها بأي شكل من الأشكال، فهل هناك آداب للشبكات الاجتماعية؟
نعم هي وسيلة للتواصل، بشكل عام، ويمكنك أن تستفيد منها معنوياً وفكرياً وربما حتى مادياً، حسب استعمالك وتحديدك للصفحات والجهات التي تتبعها وتتصفح منشوراتها، لكن كقاعدة رئيسة، اليوم صارت الشبكات الاجتماعية وسيلة للتواصل مع الصديق، زميل العمل، مؤسسات المجتمع، شخصيات مؤثرة في المجتمع، وربما مع ما تنشره مواقع إخبارية وتعليمية وغيرها.
لكن صارت الشبكات الاجتماعية في بعض المجتمعات مجرد وسيلة لنقل الأخبار، كما أنها في السنوات الأخيرة صارت متنفس للبعض للتعبير عن الرأي خارج الحياة العامة، نظراً لعدم قدرتهم على التعبير بحرية باسمهم الحقيقي في العالم الحقيقي بين الناس، فربما ليست كل تلك الأسماء المستعارة تهدف لمضيعة الوقت والتخفي وراء الأقنعة.
لكن ما الذي يمنع أي كان من إنشاء حساب باسمك وصورتك الحقيقيين والحديث باسمك!؟
هناك أساليب أجرتها الشركات التي تقف وراء خدمات الشبكات الاجتماعية لزيادة المصداقية داخل شبكاتها، منها توفير أدوات لإرسال تقارير عن الحسابات الوهمية والمنشورات التي تخالف ضوابط مجتمعات هذه الشبكات الاجتماعية، والتي قل من يقرأها حين يتم الانضمام لهذه الشبكات، مثلها مثل سياسة الخصوصية وشروط الاستخدام، وهي كلها شروط لا يقرأها أحد عندما ينضم لأي شبكة اجتماعية إما لطولها أو لعدم الاهتمام ببساطة، لكن المؤسف أنك بمجرد استمرارك باستخدام تلك المواقع فأنت توافق ضمنياً على كل ما جاء فيها.
في عالمنا العربي، نجد أن أغلب مرتادي الشبكات الاجتماعية يعتبرون هذه المنصات مجرد منتدى، للتعارف ونشر الأخبار والتعليق ب “تم” و “م” ونصر الإسلام عن طريق كتابة المعجزات التي يكتبها “الخبراء” و”العلماء” الذي لم نعرف أسماؤهم بعد، ناهيك عن تلك الفئة التي تكتب لك قصة وخبر مقصوص، وتطلب منك التعليق بعشرة ملصقات لتعرف بقية القصة، وانتهاءً بمن يطلب منك تسجيل الإعجاب أو كتابة التعليقات لأن حسابه على الشبكة سيتم قفله قريباً، وغيرها من الخزعبلات التي تثبت أن فاعليها في مرحلة الحبو في عالم الإنترنت.
وحتى نبدأ بداية صحيحة وننسى كل تلك التعريفات المغلوطة، لنبدأ بالتعريفات.
تعريفات
ماهي الشبكات الاجتماعية؟
الشبكات الاجتماعية (Social networking) تختلف عن الإعلام الاجتماعي (Social Media) هي خدمات تؤسسها وتبرمجها شركات كبرى لجمع المستخدمين والأصدقاء لمشاركة الأنشطة والاهتمامات، وللبحث عن تكوين صداقات والبحث عن اهتمامات وأنشطة لدى أشخاص آخرين.
معظم الشبكات الاجتماعية الموجودة حالياً هي عبارة عن مواقع ويب تقدم مجموعة من الخدمات للمستخدمين مثل المحادثة الفورية والرسائل الخاصة والبريد الإلكتروني والفيديو والتدوين ومشاركة الملفات وغيرها من الخدمات. ومن الواضح أن تلك الشبكات الاجتماعية قد أحدثت تغيّر كبير في كيفية الاتصال والمشاركة بين الأشخاص والمجتمعات وتبادل المعلومات. وتلك الشبكات الاجتماعية تجمع الملايين من المستخدمين في الوقت الحالي وتنقسم تلك الشبكات الاجتماعية حسب الأغراض فهناك شبكات تجمع أصدقاء الدراسة وأخرى تجمع أصدقاء العمل بالإضافة لشبكات التدوينات المصغرة، ومن أشهر الشبكات الاجتماعية الموجودة حالياً فيس بوك وماي سبيس وتويتر ولايف بوون وهاي فايف وأوركت وجوجل+.
الإعلام الاجتماعي (Social Media) أحدث تطورات وتغيرات على الإنترنت والتي صاحبها ظهور العديد من تكنولوجيا ويب 2.0. بشكل عام يشير العديد من المختصين في علم الإنترنت بأن الإعلام الاجتماعي يمثل قفزة كبيرة للتواصل من خلال الشبكة العنكبوتية بشكل تفاعلي أكبر من السابق بكثير عندما كان التواصل محدوداً بمشاركة كميات قليلة جدا من المعلومات وسيطرة أكبر من مديري البيانات.
ماهي أنواع الشبكات الاجتماعية حسب طبيعتها؟
- مواقع التواصل الاجتماعي المتعارف عليها (فيس بوك وتويتر وجوجل+ وغيرها).
- المدونات. (صفحة ويب على الأنترنت تُكتب فيها مقالات مؤرخه و مرتبة ترتيباً زمنياً تصاعدياً) تستخدم لنشر وتلقي الأخبار والتفاعل معها سواء كانت أخبار شخصيه أو عامة، مثل WordPress و Blogger.
- الويكي، وهو نوع من المواقع الإلكترونية يسمح للزوار بإضافة المحتويات وتعديلها دون أية قيود في الغالب.
آداب التواجد في الشبكات الاجتماعية
كأي مكان في أي مجتمع، البشر تحكمهم ضوابط وشروط حتى لا تنتج طاقة سلبية وجدال وفوضى، مثلما أن هناك آداب للمائدة، وآداب في مقابلة العمل، وآداب للحديث مع والديك، فهناك آداب عند تواجدك في الشبكات الاجتماعية.
عند النشر وصنع المحتوى
- لا تنشر كل ما يعجبك لمجرد النشر، خصوصاً إن كان خبراً فيه معلومة ما، فليس كل ما تقرأه على الإنترنت هو حقيقي، منشورات من نوع قال العلماء واكتشف الخبراء هي على الأغلب وهمية والغرض منها بناء تفاعل لتلك الصفحة التي تنشر مثل هذه المنشورات حتى تتحصل على عدد معحبين كبير وبالتالي ترتفع قيمتها السوقية فيبيعها أصحابها لأشخاص يبحثون عن صفحات جاهزة وبها شريحة متابعين جاهزة.
- حين تنشر مقالة من شخص آخر فلا تنسخها وتضعها في منشور خاص لوحدها، أنت بهذا تسرق جهد شخص فكر وأستغرق وقتاً لصنع محتوى مفيد ومن الجائر أن نحرمه ردود أفعال الناس وإعجابهم بإنتاجه كما أنك تكسر رابط مهم بين الكاتب الأصلي والقراء والذين في الغالب يملكون أسئلة حول المنشور يريدون توجيهها للكاتب الأصلي الذي قمت أنت قسراً بتغييبه بسبب عدم استخدامك للزر “مشاركة”، حقوق الملكية الفكرية أمر جِدّي.
- حافظ على خصوصية صورك على الفيسبوك، ولا تنشر صوراً لأجل النشر فقط، ولا تثق بأن الصور عند حذفها فهي بالفعل سيتم حذفها! وتذكر دائماً مهما فعلت من محاولات لتأمين صورك على الإنترنت، فإن اللحظة التي وضعت فيها الصورة خارج حاسوبك، هي اللحظة التي سلمت فيها الصورة للآخرين، فحتى وإن كنت واثقاً من قدراتك في تأمين صورك، فلن تتمكن من تأمين مزودات الخدمة في الموقع والتي قد يتم اختراقها أو حدوث ثغرة أمنية فيها تسمح للجميع بمشاهدة صورك وتخزينها.
- عدم الإفراط بالنشر والكتابة مما يؤدي لإزعاج أصدقائك ومتابعيك وقد تتحول إلى spammer مما يؤدي بالآخرين إلى إلغاء متابعتك وربما حتى إلغاء صداقتك، فإن كنت من محبي الكتابة فهناك منصات متخصصة في النشر كالمدونة والتي تتيح لك تنسيق أفكارك وكتابتها وتخزينها للمراجعة لاحقاً وتطويرها حتى موعد نشرها.
عند التفاعل مع الآخرين
هي ملاحظات من حياتنا اليومية، ولكن بنكهة شبكات اجتماعية على الإنترنت، فكل ما تعلمناه من آداب الحديث ينطبق على ما نكتبه ونتحدثه على الإنترنت.
- ابتعد عن شخصنة المواضيع، فالشخصنة صنف شائع من المغالطات، حيث إن “الدعوى” أو “الحجة” تكون خاطئة، بسبب معلومات أو عيوب متعلقة بالكاتب الذي يعرض هذه الدعوى، وليس بالدعوى نفسها.
- تعلم كيف تنسحب، أسأل نفسك عن الفائدة المرجوة من أي نقاش تدخل فيه، تقديم معلومة؟ إذاً أكتبها وأرحل، إن تم سؤالك عن معلومتك للمزيد من التوضيح، أكتبها وأرحل مرة أخرى! أما إن كنت تريد إظهار الشخص الآخر أنه مخطئ فقط، فأنصحك بعدم استخدام مربع التعليقات بعد الآن.
- الآخرين لديهم أصدقاء مقربون وزملاء عمل وأفراد عائلة مما قد يجعل لهم الوضع حساساً عند كتابة تعليق أو منشور لا يصلح لمثل هذا النوع من العلاقات، وقد تدخل في جدال مع إحدى هذه الشخصيات مما يضع الصديق أمام مفترق طرق فيضطر لحذف منشورك أو تعليقك أو حتى صداقته معك!
- احترم رغبات الآخرين، فحين تجد منشوراً لشخص يشكر فيه فلماً ما أو دورة تدريبية ما على سبيل المثال ويعبر عن إعجابه الشديد بقصته، فلا يوجد هناك داع لأن تكتب تعليقاً من نوع “هذا الشيء تافه وغبي ولم يعجبني” في هذه الحالة أنت تصف رأي الكاتب بالتافه والغبي، وتلزمه أن يرد عليك برد سلبي، وتعليقك ينشر في طاقة سلبية لا فائدة منها.
- من المزعج جداً وضع صورة لمنظر غروب أو شروق أو غيرها ومن ثم وضع إشارة لشخص فيها، فالإشارات فائدتها تكمن في وضعها على صور يوجد فيها أشخاص، لا أن تضع إشارة لصديقك على صورة حمامة!
- لا تجعل المواضيع كلها تدور حولك، لا تنسى مضمون المشاركات وتحدث في سياقها، فأنت لست مركز الكون! المنشورات ليست بحاجة ليتحول محورها حولك، شخص لديه مشكلة، حاول أن تتعاطف معه وأفهم مشكلته، لا تبدأ في حشر قصتك داخل حلق الكاتب وتستجدي التعاطف.
آداب ونصائح عامة
- لا تستخدم الشبكات الاجتماعية وأنت غاضب، لا تنشر شيئاً يذم ويقدح في شيء يعجب آخرين تعرفهم، فهذا سيستفزهم للرد عليك وتصعيد الأمر، إن كنت غاضباً حاول ألا تدخل لأي شبكة اجتماعية، ورفه عن نفسك بطريقة أخرى، وإن لم تستطع، فأطرح سؤالاً بكل بساطة على أصدقائك يتضمن سبب انزعاجك، لربما أحدهم لديه الحل، أو حتى دعوى لكوب من القهوة لتنسى.
- وسيلة التواصل التي نستخدمها ليست حية، أي أن تفاعلك مع الآخرين ليس سوى باتجاه واحد لمدة زمنية معينة حتى يقرأ الآخر كلامك ويقوم بالرد كذلك، لهذا سيحدث سوء الفهم، وسيظن البعض شيئاً ويقرأ البعض كلاماً ليس موجوداً، فحاول ألا تتخيل كثيراً وتعامل مع النص كما هو دون إضافة، وأدعوك لقراءة مقالتي حول الحوار العقلاني.
- أستخدم اسمك الحقيقي وصورتك الحقيقية ومعلومات عملك الحقيقية ومنزلك وهاتفك الحقيقي، فإن لم تفعل هذا فعلى الأرجح سبب دخولك لأي شبكة اجتماعية ليس للتواصل مع الأصدقاء وزملاء العمل، بل هو للتواصل والدردشة من خلال المجموعات والصفحات دون وازع اجتماعي، فأنت مجهول وبالتالي لا يمكن للآخرين أخذك على محمل الجد.
ملاحظات أخيرة
- كثرة عدد المعجبين بشخص أو صفحة، لا يعني دائماً أنها الأفضل والأحسن، فتوجهات الناس تختلف، والكثرة لا تعني دوماً أن هذا هو الصحيح، وأدعوك هنا لقراءة مقالتي حول الأكثرية بنظرة قرآنية.
- للأسف فالشبكات الاجتماعية تعتبر هدفاً سهلاً للمخترقين وأصحاب الإشاعات وذلك لسهولة وسرعة انتشار الخبر دون تدقيق بين الناس، فالأمر لا يحتاج لأكثر من لمسة أو نقرة واحدة فقط.
- ان قيام أحد الأصدقاء بحذفك من قائمة أصدقائهم لا يعني أنه لم يعد صديقك في أرض الواقع (إن كانت علاقتكما خارج الفيسبوك موجودة)، بل يعني أن نشاطك الإنترنتي لا يعجبه ويفضّل ألا يراه في صفحته.
- الشبكات الاجتماعية ربما هي متنفس لبعض الشخصيات التي لا تجد متنفس في حياتها الحقيقية للتعبير عن رأيها بحرية، لكن لا تستهن بذكاء الآخرين، مهما فعلت لإخفاء شخصيتك سيتمكن بعض الناس من معرفة حقيقة شخصيتك.
- الشبكات الاجتماعية ليست منتدى حوار، هي مكان وُجِد للتواصل بين الأصدقاء الحقيقيين على أرض الواقع ولترسيخ التفاعل بينهم، والفيسبوك سمح للشركات والجهات الاعتبارية الدخول له وتكوين صفحة تواصل بينها وبين زبائنها ومعجبيها، لكنه ليس منتدى حوار، فلا يمكنك البحث فيه بذات سهولة منصات منتديات الحوار.
- الناس ستحكم عليك (شئت أم أبيت) بناءً على عدة أشياء، مثلاً عضوياتك في المجموعات وقائمة أصدقاؤك، عملاً بالمثل قل لي من تصادق أقل لك من أنت! فحاول أن تقنن عضوياتك وأن تقوم بتنظيف دوري لها، ولا تنسى أن الفيسبوك لا يمنع أحداً من أصدقائك من إضافتك لأي مجموعة خاصة أو عامة حتى دون علمك، لهذا راجع اشتراكاتك في المجموعات وكذلك في الصفحات.
- أحط نفسك بالأشياء الإيجابية وأبتعد عن السلبية لأنها ستؤثر على حياتك خارج الإنترنت، فحاول أن تشترك في الصفحات المفيدة وابتعد عن الصفحات السياسية والترفيهية التي تضيع الوقت، وحاول أن تستخدم برامج تحسب لك كم من الوقت تستغرقه على الإنترنت.
ختاماً
هل ترى أني نسيت شيئاً ما؟ مربع التعليقات ينتظرك لإضافة أي معلومة أو تعديل أي معلومة، يمكنك استعمال الهاشتاق #alitweelblog والكتابة في صفحتك وسأقوم بمتابعة الهاشتاق وقراءة مساهماتكم، وطبعاً لا تنسى أن تجعل المنشور عام لأتمكن من مشاهدته!