خلال مشاهدتي وبحثي لخرائط توضح عدد ساعات شروق الشمس على كوكب الأرض خلال السنة، وجدت أن ليبيا قد أكرمها الله بساعات شمسية من 3,000 ساعة إلى 4,000 ساعة في السنة.
راودتني الكثير من الأسئلة والتي عادة اجاباتها معروفة لدى أغلب الناس، مثلاً: لماذا لا تستثمر ليبيا في الطاقة الشمسية؟ لأن من في الحكم اليوم لا يجدون في الموضوع جدوى شخصية لهم!
كذلك، لماذا لا تبادر المصارف بدعم المنظومات الشمسية؟ الإجابة المنطقية هي لأن المصارف تبحث عن الكسب القصير المدى، فتوفير قرض رخيص (500 دينار شهرياً) لمنظومة شمسية ممتازة تكفي منزل بالتكييف (30 ألف دينار)، لن يسمح للمصرف باسترداد القرض قبل 5 سنوات، وهي فترة طويلة جداً مقارنة بدعم قرض لشراء مولد ديزل.
السؤال الأخير، هل يعقل أن تزدهر الطاقة الشمسية في بلدان لا تتوافر فيها الشمس مقارنة بدول أخرى لديها شمس مشرقة طيلة السنة، ولكن تتجاهل هذه الثروة؟ الجواب الذي يأتي للذهن هو: نعم يمكن أن يحدث ذلك في حالة وجود حكومات فاسدة ولا يهمها مصلحة المواطن، بل خلق الفرص والأسباب لسرقة المال العام.
مساحة صغيرة من الصحراء الكبرى مثل 4,000 آلاف كيلومتر مربع تكفي 100% من حاجة ألمانيا للكهرباء، وأكبر منها مرتين تقريباً تكفي 100% من حاجة الإتحاد الأوروبي.
أما لو كانت المساحة أكبر بأربع مرات تقريباً تكفي 100% من حاجة العالم كله من الكهرباء، وبافتراض أن اللوح الشمسي ينتج 350 وات، فهذه المساحة ستحتوي على 51.4 مليار لوح شمسي، وهي تكافئ مساحة ولاية نيو مكسيكو الأمريكية.
الصحراء الكبرى تتمتع بساعات شمسية طويلة تصل حتى 4000 ساعة سنويا، وهي منطقة لا يوجد فيها غيوم، ليست مكتظة بالسكان.
الموضوع ليس مجرد خيال، فقد بدأت المغرب بالفعل في إنشاء محطة طاقة شمسية وهي واحدة من خمس محطات، محطة نور ورزازات للطاقة الشمسية في المغرب، اليوم هي واقع وحقيقة، وإليكم بعض الأرقام لمعرفة حجم المشروع:
- هي أكبر محطة طاقة شمسية في العالم بأكمله حتى تاريخ هذا اليوم.
- عند انتهاء المشروع بالكامل، ستحجز مساحة 25 كيلومتر مربع.
- هذه المحطة ستكون قادرة على إنتاج 582 ميجا وات.
- هي قادرة على تخزين الكهرباء على هيئة ملح منصهر للكهرباء خلال الليل.
- هذا المشروع سيجعل من المغرب دولة قائدة في إنتاج الكهرباء على مستوى العالم.
- تملك خط مباشر مع أوروبا لتصدير الكهرباء وجني الأرباح من الإتحاد الأوروبي.
المغرب استثمرت 9 مليار دولار لإنشاء أربع محطات أخرى مثل هذه المحطة (كل محطة أقل من 2 مليار دولار) في الصحراء الكبرى حيث ستكون جميعها قادرة على إنتاج أكثر من 2,000 ميجاوات من الكهرباء وهو ما يكفي 38% من حاجة المغرب للكهرباء خلال سنة كاملة (موقع المحطة على خرائط قوقل).
بالمقابل، مجموع الميزانيات التي رصدت لليبيا خلال الست سنوات الماضية فقط ما يوازي ربع ترليون دينار ليبي (الترليون ألف مليار) أي ما يوازي 55 مليار دولار أمريكي بسعر صرف اليوم (4.51) ومع هذا فلم نر لليوم حتى ترميم لما خرب ناهيك عن إنجاز شيء جديد، والقائمة تطول لو أردنا التحدث عما كان يجب إنجازه.
كان من الممكن مثلاً إنشاء محطة واحدة كل سنة، كان من الممكن بمكالمة واحدة لشركة Siemens أو General Electric أو مكالمتهما معاً والاتفاق على إنشاء 10 محطات لا خمس مثل المغرب ونتفوق عليها بمواردنا ونفطنا فنقوم بتصدير الكهرباء حتى للمغرب لا اوروبا فقط!
حتى بالفساد والسرقة، لنفترض أن تكلفة المحطات الخمس 20 مليار دولار لا 10 أو 9 مليار دولار، على الأقل أسرق واصنع شيء، لكن السرقة تقع يومياً ولم نر حتى عملية رصف لشارع مهترئ وسط العاصمة ناهيك عن مدن ليبيا المهمشة الأخرى!
أيها المواطن الليبي ألا يكفي هذا لجعلك تغضب حتى قليلاً؟ ماذا تريد أكثر من هذا الفساد لتقوم بثورة ضد الفساد؟ أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟؟؟
لا يوجد لدي أي إضافة أخرى إلا طلبي منك مشاركة هذه المقالة، لعلها تكون سبباً لتغيير حال البلاد والله أعلم، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
مصادر:
- فيديو تفصيلي عن إمكانية زرع الصحراء الكبرى بالألواح الشمسية
- محطة نور ورزازات للطاقة الشمسية على ويكيبيديا
- بطاريات الملح المنصهر