في الآونة الأخيرة وجدت أنه من اللازم كتابة شيء حول هذا الموضوع، نظراً لذلك الكم الهائل من المفاهيم المغلوطة التي قرأتها من العديد من الناس على صفحات الشبكات الإجتماعية.
البِكسِل!
لنتعرف على أصغر جزء من أي شاشة حاسوب أو هاتف أو جهاز تابلت (لوحي) ألا وهي النقطة (Pixel)، نعم، لترى هذه النقطة إقترب من شاشة حاسوبك الآن، هيا إفعلها، وسترى أنها (الشاشة) مكوّنة من أجزاء مربعة صغيرة جداً، هذه الأشياء نسميها نقط (Pixels) وهي المكون الرئيس لأي شاشة تجارية من الممكن ان تجدها، لاحظ انها تتكون من ثلاث الوان أحمر أخضر أزرق وهي الالوان الأساسية لتكوين أي لون آخر في طيف الالوان.
الآن حين تقرأ عن شاشة أن دقتها Full HD أو 1920×1080 أو 1080p فهذا يعني أن فيها عدد 1920 نقطة عرضاً و1080 إرتفاعاً وبضرب الرقمين معاً نستطيع أن نقول أن هذه هي دقة 2 ميجا بيكسل حيث أن الناتج 2,073,600 نقطة، وكلمة ميجا Mega تعني مليون باللغة اللاتينية.
هذه النقاط هي التي تحدد دقة شاشتك في العموم، ودقة الورق المطبوع كذلك، لكنها ليست كل شيء، فكثافتها في الإنش المربع PPI – Pixel Per Inch وبُعدك عنها هو مايحدد فعالية هذه النقاط وأهميتها، وكقاعدة عامة كلما إقتربت كلما زادت أهمية كثافة النقاط في الإنش المربع وكلما إبتعدت قلت أهميتها.
الشاشات الإعلانية
على سبيل المثال، إليك هذه اللوحة الإعلانية والتي من المفترض أن تنظر إليها من على بعد عدة أمتار، إنها اللوحة الالكترونية الوسطى في هذه الصورة..
هي مجرد شاشة كبيرة، صممت لتشاهدها من على بعد، حيث تتلاشى تلك النقاط المكونة لها من تلك المسافة ولا تعود كثافتها شيء مهم لمن يقترب منها، فإن إقتربت منها سترى نقاط ضخمة كما في الصورة التالية..
وهي مجرد نقاط كل نقطة فيها مكونة من 3 الوان اساسية، احمر أزرق أخضر، فحين يضيء “البكسل” الواحد بألوانه الثلاثة يعطي اللون الأبيض، وحين ينطفيء يعطي لون أسود، وبالمزج بين الالوان الثلاث الأساسية مع بقية النقاط الأخرى تتكون الصورة، وكلما إبتعدت عن الشاشة توضحت لك الصورة أكثر..
وهكذا كما رأينا، يعود تصميم اللوحات الإعلانية بهذا الشكل لأنها ضخمة جداً لتتم مشاهدتها من على مسافة بعيدة، ومن غير المنطقي أن تكون كثافة النقاط فيها (PPI) ككثافة النقاط في شاشة حاسوبك، لأنك لن تقف من على بعد نصف متر منها.
شاشات أصغر
بالنسبة للشاشات التي تم تصميمها لتكون قريبة منك، مثل شاشات الحاسوب والهاتف والتلفزيون، تجدها على العكس تماماً، تزداد أهمية كثافة النقاط فيها كلما إقتربت منها، وكلما إبتعدت عنها تلاشت معالمها وإختلطت نقاطها وتداخلت معاً.
بالنسبة لشاشة التلفزيون والتي من المفترض ان تجلس من على بعد 3 امتار منها على الأقل، فكثافة 100 نقطة في الإنش المربع تعتبر أكثر من كافية للمشاهدة من تلك المسافة، إلا لو كنت زرقاء اليمامة التي ترى ما يبعد ثلاثة أيام سفر!
أما بالنسبة لهاتف ذكي أو حاسوب لوحي فمن المهم أن تكون كثافة النقاط مايقارب الورق المطبوع ألا وهو 300 نقطة في الإنش المربع، وهو الأكثر الذي لاتميز العين ما هو اكبر منه.
وكقاعدة عامة، النقاط كلما صغرت وإزدادت كثافتها زادت دقة الصورة، مثلاً الفرق بين دقة HD وهي المتعارف عليها على أنها دقة 1280×720 نقطة، تكون نقاوتها أقل من شاشة دقتها 1920×1080 نقطة لأن هذه الأخيرة تحتوي على نقاط أكثر على سطحها وبالتالي فهي قادرة على إظهار تفاصيل أكثر.
مؤخراً ظهرت نقاوة جديدة تسمى 4K والتي تحمل أربعة أضعاف دقة 1080 حيث أن كل نقطة من شاشات Full HD يتم تقسيمها إلى 4 لتعطيك شاشة 4K وسبب تسميتها بهذا الإسم لأن عدد النقاط الكلية في هذا النوع من الشاشات يفوق الأربعة مليون (4,147,200) نقطة مقارنة بالإثنين مليون نقطة (2,073,600) في شاشات Full HD التي تحدثنا عنها.
لنقوم بتغطية كافة نواحي الحديث عن دقة الصورة، يجب علينا أن نقسم الموضوع إلى ثلاث أقسام، ومايهمنا منها هو القسم الثالث لكن لاضير من الحديث عن القسم الأول والثاني، فهناك ثلاث معانٍ للمصطلح دقة (Resolution) في عالم الصور، والدقة لها علاقة وطيدة بنتيجة طباعتك لأي صورة أو مشاهدتها على شاشة كبيرة كانت أو صغيرة، فالشاشة والطباعة هما نوعين من عرض الصورة وإن إختلفت طرق التطبيق والنتيجة، لكن مفهومها متشابه إلى حد بعيد، إن فهمتها فنتائج ذلك ستكون ممتازة جداً، فستحتفظ بمساحة ذاكرة فارغة أكثر في وسائل التخزين لديك بعد أن تفهم إحتياجاتك ومتطلبات كل عمل فني تقوم به، أما إن كنت من هواة التصوير فستحاول بعد فهمك هذه المفاهيم تحسين صورك من جوانب أخرى أهم من أن يتمحور معيار الصورة الرائعة بعدد النقاط فيها.
دقة الصورة
وهو أبسط تعريف للدقة، لقد ذكرته للتو، والذي يعني كم لديك نقطة بالطول والعرض ضمن صورة مخزنة في حاسوبك، وبالطبع كلما زادت كمية النقاط زادت حدة ونقاوة الصورة، لاحظ المثال التالي..
لاحظ أن دقة 100 نقطة تتماشى مع شاشات الحاسوب وتجدها مقبولة المظهر من على بعد نصف متر تقريباً حيث لن تتمكن من ملاحظة النقاط فيها إلا بعد تركيز شديد أنت في غنى عنه، كما أود أن أنبهك إلى ملاحظة دقة ال50 نقطة في الإنش وكيف أنها مشوشة المعالم.
إختبار 1
- أود منك الآن أن تقوم بالإبتعاد لمسافة 3 أمتار ولاحظ كيف أن الفارق بين دقة 100×100 ودقة 50×50 حيث ستتلاشى الفروقات بينهما.
- ن لم تتمكن من الرجوع إلى الخلف لمسافة كافية، حاول أن تغمض عينيك لآخر درجة ممكنة وأنظر للصورة من جديد ولاحظ الفرق بين دقة 100×100 ودقة 50×50 ولاحظ ان الفروقات تتلاشى.
لازلنا هنا نتحدث عن دقة الصورة، ولم نتحدث بعد عن طريقة عرضها، وهي كما سبق وأسلفت الذكر تنقسم إلى نوعين:
- طباعة الصورة على ورق مهما كان حجمه سواء A4 أو حتى A0.
- عرضها على شاشة هاتف أو تابلت أو تلفزيون، سواء كانت ضخمة، كبيرة، متوسطة او صغيرة.
دقة الطباعة
التعريف الآخر للدقة هو حين تطبعها، فعندما تطبع صورتك على ورقة بحجم A4 يمكنك تعيين عدد النقاط في هذه الورقة بحساب عددها في إنش مربع واحد.
في العادة تجد أن دقة الطباعة الجيدة من 200 إلى 300 نقطة في الإنش المربع DPI أو Dot Per Inch أو PPI وقياس الدقة بالنقطة في الإنش أمر لازم لتحصل على نتائج عرض ممتازة، لاحظ الفرق بين الصورتين التاليتين..
إختبار 2
أود منك الآن أن تقوم بالإبتعاد لمسافة حتى 3 أمتار وتخبرني إن إستطعت تمييز النقاط في الصورة التي على اليمين؟ ام أن المربع سيتحول قليلاً قليلاً إلى رقعة رمادية كبيرة فقط؟
في طابعات نفث الحبر InkJet، نتيجة الطباعة تعتمد أساساً على دقة رأس الطابعة، قد تجد مكتوباً على الطابعة أن قدرتها 2880 نقطة في الإنش المربع، كنوع من التحايل وتمويه الحقائق تجد المصنعون لهذه الطابعات لايخبرونك بالحقيقة كاملة، فذاك الرقم (2880 نقطة في الإنش) يبين لك كم نقطة يمكن لرأس الطباعة هذا أن ينفثه في إنش مربع على سطح الورقة، لا كم نقطة متراصة جانب بعضها البعض.
على الأغلب ستكون تلك النقاط الحبرية المنفوثة متكتلة فوق بعضها البعض ولن تتجاوز 300 نقطة في الإنش على الأكثر، ثم حتى وإن أردت هذه الدقة العالية أنت مضطر لإستعمال ورق خاص جداً ليستقبل هذا الكم الهائل من نقاط الحبر دون أن يمزجها ويجعلها تتداخل مع بعضها البعض.
هكذا يجعلونك تظن أنك ستحصل على صور بدقة 2880 نقطة في الإنش المربع بينما هذا المعيار يختفي تأثيره بعد 300 نقطة في الإنش أي أنك لن تلاحظه حتى بالمكبر! لن تجد فرقاً ملموساً في طباعة طابعة بـ1000 نقطة في الإنش أو 2000 نقطة في الإنش لكنك ستلاحظ فرقاً بين دقة 160 و300 بالتأكيد.
كلما أردت دقة طباعة أكثر جودة، عليك بزيادة عدد النقاط في الإنش المربع في الصورة على حاسوبك، ومن ثم تخبر الطابعة ان تنفث نقاط حبر عالية الكثافة لأن صورتك تحتوي على نقاط عالية هي الأخرى، وبالتالي عملية الطباعة ستصبح أبطأ وأدق وبالطبع ستحتاج لذلك الورق الخاص المطلي بمادة خاصة ويسمى عادة هذا النوع من الورق بـPhoto Glossy.
الطابعات الليزرية تمثل آخر تطور في الطابعات حيث أنها لا تعتمد على نفث الحبر بل لصق ذرات غبار على الورق فتكون النتيجة دقة بالغة جداً يمكن ملاحظتها حتى بالعدسة المكبرة ويتم الإعتماد عليها كحل من حلول كتابة المستندات على ورق نظراً لسرعتها وكفائتها مقارنة بطابعات نفث الحبر التي تبرع في مجال الصور أكثر من مجال المستندات.
دقة الشاشة
هي نفس النقاط الصغيرة التي تراها على الشاشة كما ذكرنا مسبقاً، ومعظم شاشات الحاسوب اليوم تكون دقتها 100 PPI (أو 100 نقطة في الإنش المربع)، وكلما زاد العدد في الإنش المربع زاد الوضوح وإزدادت قدرة الشاشة على إظهار تفاصيل أكثر.
لكن هل تعلم أن عين الانسان لا تقدر على تمييز اكثر من دقة 300ppi؟ يعني 300 نقطة (بكسل pixel) في الانش المربع وذلك من بعد قريب جداً منها، مثلاً تلك الشاشات التي في الهاواتف الذكية، إن فاقت الدقة 300 نقطة في الإنش المربع فلن تتمكن من التفرقة بينها وبين شاشة نقال دقتها 400 أو 500 نقطة في الإنش المربع لأن عينك لن تكون قادرة على ذلك، لكن بإستعمال مكبر من الممكن ان تلاحظ الفرق.
حاليا شاشات الهواتف الذكية ذات حجم 5.5 انش وبدقة 1080×1920 نقطة طولاً وعرضاً تعتبر اكثر من كافية لحجم هاتف نقال مادامت كثافة النقاط في الإنش المربع ليست تحت ال300 نقطة، كما لاننسى أن شاشات AMOLED وهي الأكثر إنتشاراً بين الهواتف النقالة، سيزيد من معدل إستهلاكها للطاقة كلما كثرت فيها عدد النقاط (Pixels) لأنها تحتاج لقدرة معالجة اكبر وبالتالي سيزيد استهلاك البطارية أكثر، فالهاواتف التي تأتي بدقة شاشة أعلى تأتي بحجم بطارية أكبر، لكن لايعني أن لديها عمر بطارية أطول، فقد تم تكبير حجم البطارية وقوتها حتى تستطيع دعم قوة المعالجة المطلوبة للشاشة التي دقتها أعلى!
شاشات AMOLED تختلف عن شاشات IPS فهي أكثر إقتصاداً في توفير الطاقة، لأن هذه الأخيرة تقوم بتشغيل كل نقاطها دفعة واحدة طوال الوقت، بينما AMOLED تقوم بتشغيل النقاط المستخدمة فقط والتي سترسم لوناً ما بإستثناء التي ترسم اللون الأسود، تلك ستكون مطفأة ولا تعمل.
هنا نجد أن من الذكاء إستخدام Theme اسود للهاتف النقال حيث لن يتم تشغيل كافة النقاط في الشاشة التي فيها لون أسود، اليس كذلك؟ جربها وأخبرنا بالنتيجة!
إذاً، في المستقبل، وحين تسمع عن ظهور شاشة دقتها 8K او حتى 12K وهلم جراً، لاتنجرف وراء الماكينة الإعلامية للمصنعين لهذه الشاشات والذي سيحاولون اللف والدوران وتقديم شيء جديد لك بحجة انه الأفضل والأحسن، فالأمر يتناسب مع كثافة النقاط في الإنش المربع وبعدك عن الشاشة.
الخلاصة في نقاط
- دقة 4K بشكل عام ممتازة للشاشات الضخمة التي تضطر لأن تكون على مقربة منها، مثل شاشات الحاسوب والترفيه التي تقف على بعد أقل من مترين، لأنك بإبتعادك عنها أكثر من ذلك ستتلاشى التفاصيل ولين يعود هناك فرقاً بين شاشة 4K وشاشة Full HD.
- دقة 4K مخصصة كذلك لشاشات متوسطة لإستعمال الحاسوب حيث انها توفر مساحة سطح مكتب وافرة نظراً لكثرة النقاط فيها وبالتالي كأنك تحمل 4 شاشات Full HD في شاشة واحدة!
- محاولة تسويق دقة 4K أو 3K أو 2K للهواتف الذكية هو خدعة تسويقية سمجة، حيث أن عين الإنسان لن تستطيع تمييز دقة الصورة بعد أن تتجاوز دقة النقاط فيها 300 نقطة في الإنش المربع، ولن تستطيع إلا تميزة حدة الالوان أو قوة إضائتها وهذه امور ليست لها علاقة بدقة الشاشة بل بمزايا أخرى تختلف من شركة لأخرى.
- عند محاولة شرائك لشاشة سواء للحاسوب أو للترفيه في غرفة المعيشة او على هاتف ذكي، أبحث عن PPI أو عدد النقاط في الإنش المربع ثم راجع نفسك هل أنت بالفعل ستقدر على تمييزها من على بعد نصف متر أو متر واحد أو عدة امتار؟ وحينها فقط ستعلم ما أنت بحاجة له، ولتعلم أن أي منتج لديه عدد اعلى من 300 نقطة في الإنش هو منتج مبالغ فيه جداً، وإن كان في هاتف نقال فيعني إستهلاكاً أكبر للبطارية.
- هل يوجد اليوم بث تلفزيوني أو مقطوعات فيديو تتوفر بدقة أعلى من Full HD بشكل كافي يجعلك تفكر في إقتناء ماهو اعلى منها؟ هل تذكرون موجة شاشات ال3D ؟ ماذا حدث لها؟ لقد أفل نجمها سريعاً! واليوم الموجة هي 4K التي ربما يفل نجمها أو يعلو!
معادلات
لأدعم موضوعنا بمعلومات حتى يسد باب النقاش نهائياً في الموضوع، أدعوك لقراءة هذه المقالة باللغة الإنجليزية والتي تضع لك معادلة وتحليل واسع تثبت كل ما قيل في مقالتي هذه.
بالنهاية، هذا الكلام هو حقائق علمية ليست رأياً ولا استنتاج، تعتمد على إختبارات وفحوص لدى أي طبيب عيون حيث يقوم الطبيب بوضع لوحة الحروف من على مسافة معينة ومحددة ليقيس قوة النظر لديك، وقد تم إستخدام نتيجة هذه الإختبارات للخروج بأرقام محددة تبين مدى قدرة العين السليمة في التمييز بين الصور، فإن كانت لديك مع هذه الحقائق مشكلة، لربما كان من الأفضل لك أن تعيش في عالم الخيال.
اشكرك على المقاله هي مفيده ورائعه