تخطى إلى المحتوى
الرئيسة » المدونة » هل التمييز بين المتابعين مهم؟

هل التمييز بين المتابعين مهم؟

لماذا يجب على صُنّاع المحتوى الليبيين التمييز بين المتابعين بناءً على استخدامهم للإنترنت؟

في عصر التواصل الرقمي، يُعدّ فهم طبيعة المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق النجاح والاستفادة المثلى من الإنتاج الرقمي. يُلاحَظ أن هناك فئة من المتابعين تعتمد على باقات إنترنت محدودة، ما يجعلها تتجنب مشاهدة المحتوى المرئي وخاصة الفيديوهات ذات الحجم الكبير بهدف الحفاظ على الحصة الشهرية من باقات الإنترنت. بينما يوجد فئة أخرى تعتمد على اشتراكات الإنترنت غير المحدودة، ما يتيح لهم الاستمتاع بكافة المحتويات المقدمة دون تقييد. هنا يظهر الفرق الكبير بين تأثير كل فئة على أرباح صانع المحتوى.

1. المتابعون ذوو باقات الإنترنت المحدودة

يشكل المتابعون الذين يستخدمون باقات إنترنت محدودة جزءًا كبيرًا من جمهور المؤثرين في دول مثل ليبيا. وفقًا لتقارير حول استخدام الإنترنت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يفضل الكثير من المستخدمين الليبيين الاشتراك في باقات إنترنت محدودة نظرًا للظروف الاقتصادية وتكلفة باقات الإنترنت غير المحدودة. هؤلاء المتابعون، بغض النظر عن إعجابهم بالمحتوى، يتجنبون مشاهدة الفيديوهات أو تشغيل محتوى عالي الجودة حتى لا تتجاوز استخداماتهم الشهرية المسموح بها.

تأثير هذه الفئة على دخل صانع المحتوى يكاد يكون معدومًا؛ حيث لا يقومون بفتح الفيديوهات بشكل متكرر، ما يؤثر سلبًا على عدد المشاهدات التي تعتبر العامل الرئيسي لجذب الإعلانات وجني الأرباح. كما أن هذه الفئة، رغم اهتمامها بالمحتوى، لا تقدم دعمًا ماديًا ملموسًا عبر طرق مثل الاشتراكات أو التبرعات، بسبب التقييد الكبير الذي تفرضه باقاتهم الشهرية.

CPC VS CPM

2. المتابعون ذوو اشتراكات الإنترنت غير المحدودة

على الجانب الآخر، هناك فئة من المتابعين الذين يتمتعون باشتراكات إنترنت غير محدودة، وهؤلاء يمثلون جمهورًا مميزًا ومصدر دخل مباشر لصانع المحتوى. هؤلاء المتابعون لا يترددون في مشاهدة الفيديوهات أو التفاعل مع المحتوى بطرق متعددة، مما يزيد من عدد المشاهدات ويعزز من فرص الربح من الإعلانات. إلى جانب ذلك، فإن هذه الفئة تُظهر استعدادًا أكبر للدعم المادي، سواءً من خلال الاشتراكات المدفوعة، أو دعم صانع المحتوى عبر المنصات التي تقدم ميزات مثل “التبرعات” و”الهدايا”.

في المقابل، تشير الإحصاءات إلى أن العائد من مشاهدات الإعلانات لكل ألف مشاهدة (CPM) لمحتوى يشاهده مستخدمون من ليبيا يعد ضئيلاً جدًا مقارنةً بالدول الأوروبية أو الولايات المتحدة؛ حيث يمكن أن تصل نسبة الفارق في العائد إلى حوالي 80-90%. على سبيل المثال، قد يحصل صانع محتوى في الولايات المتحدة على حوالي 8-12 دولارًا لكل ألف مشاهدة، بينما يحصل صانع محتوى في ليبيا على أقل من دولارين.

3. تحديات صناع المحتوى الليبيين ونصائح للارتقاء بالدخل

أمام هذا الواقع، يصبح من الضروري على صانع المحتوى الليبي التركيز على نوعية المحتوى وأسلوب استهداف الجمهور. نصيحتنا لصناع المحتوى الليبيين هي:

  1. التركيز على المتابعين ذوي الإنترنت غير المحدود: هؤلاء المتابعون هم الأكثر احتمالية لدعم المحتوى ماليًا، سواءً من خلال مشاهداتهم المتكررة أو عبر الاشتراكات المدفوعة أو التبرعات.
  2. إعادة تقييم المحتوى المقدم: من المهم تقديم محتوى خفيف الحجم وقصير يتناسب مع إمكانيات الجمهور ذي الإنترنت المحدود، مما يعزز من فرصهم للتفاعل دون تحميلهم تكاليف إضافية على باقات الإنترنت.
  3. التوسع للأسواق الدولية: النظر في إنشاء محتوى يستهدف أسواقًا أكثر ربحية خارج ليبيا قد يكون خيارًا جيدًا، سواءً من خلال تقديم المحتوى بلغات أجنبية أو استهداف جمهور عربي من دول أخرى تتسم بارتفاع عائدات الإعلانات فيها.
  4. استثمار الوقت في بناء مجتمع داعم: يشجع صانعو المحتوى المتابعين على دعمهم من خلال اشتراكات رمزية أو شراء منتجات مرتبطة بالمحتوى، وذلك يساعد في زيادة العوائد المالية.
  5. التوجه نحو التعاون مع العلامات التجارية: الترويج لعلامات تجارية معينة قد يكون مجزيًا أكثر من الاعتماد على عائدات المشاهدات والإعلانات فقط، خاصة أن العديد من الشركات قد تدفع مقابل الترويج لمنتجاتها بغض النظر عن محدودية المشاهدات.

في النهاية، فهم طبيعة الجمهور وتصنيفهم بناءً على سلوكهم تجاه الإنترنت يعد خطوة جوهرية في تحقيق التوازن بين تقديم محتوى غني والاستفادة المادية.

4. كيف تميز المتابعين باستخدام أدوات منصات التواصل الاجتماعي؟

يمكن لصناع المحتوى الليبيين استخدام مجموعة من الأدوات المتاحة على منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، يوتيوب، وتيك توك، لتحليل سلوكيات المتابعين وتحديد فئاتهم. وفيما يلي بعض الطرق الواضحة والعملية التي تساعد في التمييز بينهم:

  1. التحليلات التفصيلية (Analytics): توفر معظم المنصات أدوات تحليلية تعرض وقت مشاهدة الفيديوهات ونسبة المشاهدات المكتملة. إذا لاحظ صانع المحتوى أن نسبة كبيرة من المتابعين يتوقفون عن المشاهدة في أول 5-10 ثوانٍ من الفيديو، فقد يكون ذلك مؤشرًا على أن جزءًا من الجمهور يستخدم باقات محدودة.
  2. التفاعل مع المحتوى المرئي (Video Engagement): تتضمن هذه الأدوات أيضًا معلومات حول مدة مشاهدة الفيديو وأنماط التفاعل مثل الإعجابات والمشاركات والتعليقات. المتابعون ذوو الباقات غير المحدودة غالبًا ما يشاهدون الفيديوهات بالكامل ويتفاعلون بشكل أعمق، بينما يقتصر تفاعل المتابعين ذوي الباقات المحدودة على التعليقات السريعة أو الإعجابات دون مشاهدة الفيديو بأكمله.
  1. الاستطلاعات والاستفسارات المباشرة: يمكن لصانع المحتوى نشر استطلاعات رأي في القصص (Stories) على المنصات لمعرفة مدى استخدام المتابعين للإنترنت وما إذا كانوا يعتمدون على باقات محدودة أو غير محدودة. هذه الاستطلاعات توفر لصانع المحتوى فهمًا مباشرًا حول طبيعة جمهوره ويمكن أن تساعده في توجيه المحتوى بشكل أفضل.
  2. تخصيص المحتوى حسب فئات الجمهور: من خلال هذه الأدوات، يمكن تصنيف الجمهور ضمن قوائم بناءً على تفاعلهم مع المحتوى، حيث يمكن نشر فيديوهات قصيرة ومختصرة للفئة ذات الباقات المحدودة، في حين يمكن توفير محتوى طويل وعالي الجودة للفئة الأخرى.

5. نصائح لإنتاج محتوى جيد يخدم المجتمع ويحافظ على القيم الإسلامية

نظرًا لخصوصية المجتمع الليبي كونه مجتمعًا مسلمًا يواجه تحديات من حملات تهدف للترويج لثقافات وسلوكيات تتعارض مع القيم الإسلامية، فإن المسؤولية على عاتق صانع المحتوى تكمن في تقديم محتوى مفيد وموجه نحو تعزيز القيم والأخلاق الأصيلة. وفيما يلي بعض النصائح:

  1. نشر المحتوى التثقيفي والإيجابي: من المهم التركيز على محتوى يزيد من الوعي العام حول التحديات التي تواجه المجتمع، مع التأكيد على القيم الدينية. يمكن أن يتضمن ذلك معلومات عن الصحة النفسية، التطوير المهني، المحافظة على البيئة، وتعزيز روح التعاون.
  2. التأكيد على القيم الإسلامية والعادات الليبية: ينبغي تجنب الترويج لأي محتوى يدعو إلى السلوكيات أو الأفكار التي تتعارض مع تعاليم الإسلام. يمكن لصانع المحتوى استخدام أمثلة من التراث الإسلامي والليبي لتعزيز هويته الثقافية.
  3. نشر الحقائق ومكافحة التضليل: بما أن حملات التنصير ودعم المثليين وغيرها من الأجندات المخالفة للقيم المجتمعية تظهر بين الحين والآخر، من المهم التحقق من المعلومات وتوجيه المتابعين نحو المصادر الموثوقة والتوعية بخطورة هذه الحملات وآثارها السلبية.
  4. التفاعل الأخلاقي مع الجمهور: التواصل مع المتابعين بأسلوب يحترم العادات الإسلامية ويظهر الاحترام والتسامح، مما يتيح خلق بيئة آمنة وجذابة للمناقشة المفيدة والفعالة.

ختامًا، تحقيق التوازن بين تقديم محتوى جذاب يراعي الخصوصية الثقافية والدينية لجمهور المجتمع الليبي ليس تحديًا صعبًا، بل هو أساس النجاح الحقيقي لصانع المحتوى في بيئة تتطلب التركيز على بناء وعي اجتماعي قائم على القيم والثقافة الإسلامية السليمة.

6. أهمية بناء منصات محلية ودعوة للتغلب على الأفكار الانهزامية

في ظل السيطرة المتزايدة للمنصات العالمية كفيسبوك ويوتيوب وتيك توك، يجد صناع المحتوى أنفسهم أمام خوارزميات تضغط عليهم لتقديم محتوى يتماشى مع أجندات ومعايير قد تتعارض، بل وتتناقض أحيانًا، مع قيمنا الإسلامية والمجتمعية. هذا المحتوى الذي تروج له المنصات العالمية تحت مسمى “حرية التعبير” يخفي وراءه توجهات ثقافية تهدد خصوصية مجتمعنا الليبي، مما يفرض على صناع المحتوى الحذر من الانصياع الأعمى لتلك الخوارزميات التي تفرض عليهم محتوى بعيدًا عن القيم والأخلاق الإسلامية.

7. دعوة جادة للاستثمار في التقنية وبناء منصات محلية

هنا تأتي الحاجة الماسة لدعوة المستثمرين الليبيين لاستثمار أموالهم في التقنية وإنشاء منصات محلية تُعنى بتقديم محتوى يتماشى مع هويتنا، ويعزز من ثقافتنا. يكمن نجاح هذا الاستثمار في كونه ليس مجرد مشروع تجاري، بل خطوة تاريخية تؤكد استقلالية مجتمعنا الثقافية، وتساهم في خلق بيئة رقمية آمنة تعزز القيم وتخدم المجتمع.

ولكن مع هذه الدعوات، لا يخلو الأمر من وجود أصوات تحاول إحباط الهمم، مدعية أن بناء منصات محلية أمر مستحيل أو صعب التحقيق، وأننا محكومون باتباع الغرب. هؤلاء يروجون لأفكار انهزامية تعزز من التبعية وتبني صورة مُثلى عن الغرب على أنه الديمقراطي والمتقدم والمتعلم، بينما الواقع يكشف أنهم لا يزالون في تخبط وجهل حتى في أبسط الأساسيات كالتفريق بين الذكر والأنثى.

إلى هؤلاء نقول: التحرر من العقلية الانهزامية بات واجبًا، فعقلية الركوع للغرب لم تعد مقبولة. لا يعني التقدم أن نقتبس كل ما يفرضه الغرب، بل التقدم الحقيقي يأتي من بناء كيانات محلية تفتخر بهويتنا وتعبر عن قيمنا. لنكن واقعيين، مجتمعنا الليبي يمتلك الإمكانيات والكفاءات، ونحن بحاجة فقط للإيمان بقدرتنا على تحقيق التغيير، عوضًا عن الركوع أمام صورة مزيفة للغرب “الديمقراطي”.

هذه دعوة للارتقاء بإرادة حقيقية تتبنى قيمنا، وتبني إرثًا محليًا يُذكر للأجيال القادمة، ومنتديات الحوار يمكنها أن تكون البداية لهذه البدايات، كمنتدى الشبكة الذي استضيفه على نفقتي الخاصة، على أمل أن يصبح مشروع مجتمعي مستقبلاً يشارك فيه الجميع: منتدى الشبكة، فهيا بنا !

2 فكرتين بشأن “هل التمييز بين المتابعين مهم؟”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *