الساعة العاشرة صباحاً
تسقط قذيفة هاون امام بيت زياد.. يخرج زياد واهل المنطقة لمعاينة الاضرار.. كانت عبارة عن تكسّر لزجاج سيارة مركونة امام منزله وبعض الشظايا هنا وهناك.
خالد احد الجيران يكتب في الفيسبوك: سقوط صاروخ واضرار لمنزل جارنا زياد حسبي الله ونعم الوكيل.
يدخل سيف من بريطانيا ويكتب تعليقا: وين الحوش بالزبط!؟
يرد علاء وهو احد الجيران: الحوش في شارع الزاوية والاضرار سيارة.
الساعة الحادية عشرة صباحاً
يكتب سيف في الفيسبوك: علاش ياكفار شن درنالكم توا طاح صاروخ جراد في شارع الزاوية على سيارة شن درنالكم تقتلو في الناس الابرياء وعلاش تفسدو في رزق الناس.
بعض من السكان المحيطة بشارع الزاوية سمعوا صوت القذيفة التي سقطت امام منزل زياد فيكتب من يسكن في الظهرة (سقوط صاروخ في الظهرة) ومن يسكن في طريق السيدي (يا رب العالمين الصواريخ جنبنا يطيحو) وهلم جرا فطرابلس صغيرة وسقوط قذيفة في اي مكان فيها تسمعه عدة مناطق وتشعر به.
في هذه الاثناء وفي الشارع خارج الفيسبوك، السيارة اتضح انها خردة وقد ركنها احد الجيران لحاجته لبعض قطع الغيار فيها وبهذا يقوم زياد بالعودة لداخل المنزل لفتح المكيف والاستعداد ﻷخذ قيلولة.
الساعة الواحدة ظهراً
محمد صاحب صفحة بها 100 الف معجب على الفيسبوك، يقرأ منشور سيف ويقرر نشر الخبر فيدخل لمتصفح قوقل ويبحث عن: “تفجير سيارة” و”صاروخ يسقط على سيارة” ويختار صورة ويضعها في صفحته مع الخبر: كتيبة “كذا” تطلق صواريخا على المدنيين وسقوط صاروخ جراد على منزل في شارع الزاوية وتدمير سيارة وﻻوجود لاضرار بشرية والحمدلله.
التعليقات
- هادو الزنتافيل الكلاب!
- هادو المزاريط اليهود!
- اسكت ياكلب لعنة الله عليك!
- ياوﻻد الحرام هذا كله من بوسهمين!
- وين الطرابلسية!
- مجلس النواب متواطيء!
- وين الثوار!
- يامتاعين البريوش ندافعو علي نساوينكم!
- بروا يا (¥&^$#$&&^$€)!
بالطبع فكل معلق من هؤﻻء المعلقين يقوم طواعية وتلقائيا بنشر الخبر على صفحات اصدقائه لأنه سيظهر عندهم بسبب هذه التعليقات.
الساعة الثانية ظهراً
خليفة وعبدالله وميس واسماء وعبدالمنعم وبشير وملاك وهديل وسمية هم اعضاء في الصفحة ولهم متابعين كثر في حساباتهم وصفحاتهم يتبرعون بنشر الخبر مع بعض البهارات والنكهات والقناعات الخاصة بهم.
الساعة الرابعة عصراً
ينهض زياد لتصفح الفيسبوك وقراءة اخر الاخبار، يجد الخبر التالي في اكبر صفحة على الفيسبوك: سقوط صواريخ جراد على عدة مناطق في طرابلس وانباء عن استشهاد 10 اشخاص وﻻوجود لاي تعميم او خبر من المؤتمر الفاسد وقنواته الاعﻻمية الحقيرة حسبنا الله ونعم الوكيل.
يقوم زيادة بكتابة تعليق: يا ادمن اني نسكن في شارع الزاوية ومافيش منها الدوة ره! هي قذيفة هاون قدام الحوش جت بحدا سيارة وصاحبها حاطها رابش في الشارع، من غير كذب عالناس.
يتحصل زياد على كم هائل من التعليقات منها انه زلم وطحلب واخواني ويدعم في الحرب وانه كلب من كلاب فلان او علان وبعض من سكان المناطق المحيطة به يكتبون له بان صاروخا نزل عندهم ويأتي غيره ويؤكد ان صاروخا اخر سقط بجانبهم ويحاول زياد الرد عليهم لكن ﻻيفلح وتحت ضغط التعليقات المستفز ومن فرط الغيظ يقوم زياد بكتابة عبارات ثقيلة موجهة للجميع.
لحظات ويكتشف زياد انه فقد القدرة على التعليق في الصفحة فيقوم باغلاقها وفتحها من جديد فيكتشف انه قد تم حظره فيها!!
الساعة الخامسة عصراً
يكتب زياد في صفحته (للأصدقاء فقط) (حسبي الله ونعم الوكيل).
لم يفهم احد حقيقة ماحدث بالفعل لأن زياد لم يخرج ويصور الضرر ولم ينشر كلامه وتوضيحه للعموم بل لقائمة الاصدقاء فقط والذين سيظنون ان زياد يتحدث عن الوضع العام في ليبيا وفقط.
الساعة الثامنة مساءً
يغلق زياد الفيسبوك ويفتح التلفاز ليشاهد في الشريط الاخبار خبراً يتحدث عن سقوط صواريخ جراد في شارع الزاوية والمناطق المحيطة به وربما حتى مصحوبا بصور من غزة على انها في ليبيا!
يتصل زياد ببعض الجيران ليشتكي من تهويل الاعلام والفيسبوك فيفاجأ بانهم مؤمنون بما سمعوه من الفيسبوك والتلفزيون وﻻيصدقون ما رأته عيونهم هذا الصباح، بل أن فيهم من قام بمشاركة الخبر في صفحته على الفيسبوك!
ملاحظة
هذه هي قصة الإعلام في ليبيا يا سادة باختصار شديد جداً.
لا أحاول تبرير فعل اي حد، فالضرب بالهاون والجراد داخل المدن ارهاب وجريمة شنيعة، لكن موضوعنا من سردي لهذه القصة هو ماذا يحدث من وراء كواليس الفيسبوك وبقية الشبكات الاجتماعية.
(تم نشر هذه المقالة على الفيسبوك على هذا الرابط)
أرشحها لأفضل تدوينة لعام 2014
أبدعت
تصوير جميل وواقعي
نفس التهويل حصل في 2011 لكن كان من الجزيرة و العربية و كنا مصدقين و نضفق