مثلاً لو قبل سنة خرجت إلى الشارع الليبي وسألت الليبيين عشوائياً عن صحيفة معينة بالإسم، فلا أظن أني سأجد نسبة كبيرة منهم تعرفها، لكن اليوم هناك من يصدق أي خبر يُكتب في هذه الصحيفة بالذات حتى وإن كان الخبر عبيطاً مثل أن هناك إثني عشر الف جندي أمريكي يتمركزون في مالطا على أهبة الإستعداد للدخول إلى ليبيا لحفظ الأمن فيها!
أسمع وأقرأ هذا الخبر بعين مُشفقة حزينة وكما يحدث في كتب الرسوم الهزلية، بلايين علامات الإستفهام ترتسم فوق رأسي، ولسنا حالي يقول (باهي خيرا ماجوش وقت القذافي كان يهدرز علينا بكل انواع الاسلحة البرية والجوية والبحرية؟)..!
وكذلك لو قبل سنة من اليوم خرجت إلى الشارع وسألت ليبيين عشوائياً عن شخص إسمه شاكير أو حمزة التهامي أو هالة المصراتي أو أي من أولئك المستشيخين أو أي أسم لشخص ظهر علينا في الإذاعات خلال الحرب ليطبل ويزمّر للقذافي، فمن المركد أن الردود الإيجابية ستكون قليلة جداً، لأنهم بالأساس لم يظهرو من قبل على التلفزيون الليبي الرسمي، بل أن الليبيين في وجود الصحون الفضائية (الستالايت) لا يشاهدون هذه القنوات الليبية إلا لحضور مباراة أو في شهر رمضان بعد المغرب.. ومع هذا تظهر تلك الأشكال القميئة تحت مسمى إعلاميين وشيوخ وتجد من يصدقها من عامة الناس بل ويكذبون شيوخاً – نحن كليبيين – نضرب بهم الأمثال ونتحجج بأقوالهم في سنوات ماقبل الحرب، بل ويكذبون مئات الدلائل المدعمة بالصوت والصورة ويكذبون عشرات القنوات العريقة بينها أسماء مرموقة العالم كله يعرفها ويسمع لها بما فيهم الليبيين على مدى عقود ويومياً إن لم يكن في ذلك مبالغة!
تناقض غريب سيظل على مدى سنوات أخرى قادمة لغز غير مفهوم بالنسبة لي!
شخص كان بالأمس لايمتلك بريد إلكتروني، فجأة ودون سابق إنذار نجده يتحول إلى مراسل يكتب بإملاء ركيكة تدل على أن صاحبها لم يتجاوز الصف الثاني الإبتدائي إلا وكان الغش والواسطة هي منهجه وقرآنه لينتقل من مرحلة دراسية إلى أخرى، هذا الشخص إمتلك صفحة على موقع فيسبوك ووظف معه كم فاشل آخر على شاكلته وغذى شعوره بالنقص بنشره الأخبار والأحداث ليتلقى الإعجاب والتعليقات فيشعر بقيمته التي لم يجدها في المجتمع الحقيقي، وهذا بحذ ذاته شيء مأساوي لكن الكارثة أن تجد من يصدقه وينسخ عنه الخبر وأحياناً ينقله لخارج الإنترنت!
شاهدت بعيني مظاهرة أمام فندق المهاري في طرابلس كان سببها إحتجاج غذّاه خبر ملفق من إحدى هذه الصفحات، والمصيبة حين سألت أحدهم عن سبب عدم سماعنا لمثل هذا الخبر من القنوات الرسمية أجابني بأنها مؤامرة وأن الجزيرة ومثيلاتها تحاول تغطية هذه الأخبار!! وعجزت عن مناقشة أمر مبني على أرضية كهذه، وإكتفيت بسؤاله ما مصلحة الجزيرة في تغطية خبر معين؟ إن المجرم حين يقوم بجريمة بالتأكيد له هدف من وراؤها إلا لو كان شخص مجنون، والجزيرة قناة عاقلة تملك سمعتها فإن خسرتها خسرت كل شيء، لكن لم أتحصل على اجابة من أربعة أشخاص على الأقل ممن حاورني أما البقية بإعتبروني طابور خامس!
مثال آخر يقلقني.. قناة قالت خبر ما عن صحيفة كذا.. فجأة ينتشر الخبر علي ان الجزيرة قالته لا الصحيفة!
أشهد أمام الله أن الجهل مُصيبة! ومصيبته بحجم الوطن! خاصة في هذا الوقت الحرج الذي تمر به ليبيا.
لا أدري في النهاية ماذا أكتب لكم، أنصحكم وأنصح نفسي على الدوام بإتباع المنطق السوي في كل خبر نقرأه أو نسمعه، إسأل نفسك لماذا تقوم بقضاء وقت طويل في تمحيص وفحص موضوع ما حين تريد البدء في مشروع مالي مثلاً أو حين يأتي خاطب لإبنتك أو تريد خطبة فتاة ما، لكنك تستهين بالبحث عن مصدر خبر ما حول وطنك؟
قال الله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)) [الرعد:11]
السيد المحترم صاحب المقال، أوافقك على كل ما ورد في مقالك ماعدا جزئية صغيرة تخص الجزيرة، وهي أنها فعلا تكذب، وهذا أسلوب متعارف عليه إعلاميا، وسأعطيك دليلا واحدا يمكنك التأٍكد منه ، شاهدت ذات مرة مؤتمر صحفي للدكتور محمود جبريل على إحدى القنوات ( الجزيرة أو ليبيا الأحرار) وكان يتحدث عن الخيارات المطروحة أمام الثوار لترك سلاحهم، وذكر من ضمن الخيارات إنشاء شركات أمنية خاصة، تدخلت مراسلة الجزيرة ( سلام خضر) وسألت جبريل هذا السؤال: كيف تقترح إنشاء شركات أمنية خاصة بالرغم من سمعتها السيئة في العراق؟ أجابها الدكتور بكل هدوء: أنا قلت شركات أمنية محلية وطنية وليست أجنبية، الغريب في الأمر أن التقرير الذي عرضته الجزيرة في تلك الليلة إختتمته سلام خضر بهذه الجملة:” … بعد أن قرر جبريل الاستعانة بالشركات الأمنية الأجنبية” طبعا فرضية أن تكون سلام خضر قد فهمت خطأ غير واردة لأنها سألت وتلقت الإجابة، هذا مثال واحد من عديد الأمثلة، والجزيرة لا تخاطر بسمعتها لأنه من حضر المؤتمر و استمع لهذه المعلومة محدودون جدا، وعليه فهي لا تخاطر بسمعتها بقدر ما تستغل هذه السمعة في تمرير أخبار قد تكون كاذبة لتنفيذ غرض معين، وهو في هذه الحالة لن يخفى عليك
المدونه حقيقي تحفه
ومعلومات مفيده اوي
مشكووووووووووووووووور
الجهل مصيب بالفعل اخ علي الاشكال هذي نعاني منها شبه يومي لاننا كليبيين متعودين علي نشر الاشاعة دون التفكير في محتواها او في مصداقيتها اهم شي عندنا اعطيني نهذرز ليبيا كلها اصبحت محلليين سياسيين لكن كل هذا التحليل مبني علي جهل واخبار فيس بوكية مغروضة
ليس الجهل بعين ذاته. ولكن حالات من مشاكل وامراض نفسية معقدة. تحتاج لان الشخص يعترف بها و يفهم انها موجودة فيه ليبدا بداية التغيير وعلاج النفس. نحتاج لبرامج توعوية. والله المستعان والموفق.
ليس الجهل بعين ذاته. ولكن حالات من مشاكل وامراض نفسية معقدة. تحتاج لان الشخص يعترف بها و يفهم انها موجودة فيه ليبدا بداية التغيير وعلاج النفس. نحتاج لبرامج توعوية. والله المستعان والموفق
FaceBook الزاوية الجديدة الحرة:
أخشى أن نضطر إلى المطالبة يوما ما بنشر تحذير على الصفحات الأولى للصحف، مماثل لذلك يوضع على علب السجائر يقول: لا تنس أن ما بين يديك كلام جرايد. إذا صدقته فقد يضر بصحتك النفسية. ~ فهمي هويدي