تخطى إلى المحتوى
الرئيسة » المدونة » مشاكل صباحية

مشاكل صباحية

أستيقظت مبكراً اليوم وتجهزت للذهاب لمصرف الجمهورية لأستلم 99% من حساب توفيري الذي أنشأه لي والدي قبل سنوات، الفائدة متوقفة منذ سنوات كذلك، في يوم الأحد الماضي قدمت طلباً لمدير المصرف فكما قيل لي هناك أن هذا هو الإجراء، وكان علي الإنتظار أسبوعاً كاملاً ينتهي اليوم، وأثناء إنتظاري أمام المصرف فكرت أنه يفترض فيه أن تكون بوابته مفتوحة في تمام الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت رمضان لكن السادة الموظفين الأكارم ظلو يمرون بجانبنا حتى التاسعة والنصف، والباب ظل مغلقاً، وعند الساعة 9:40ص.

فتحت الأبواب، دخلت مع الجمع مستعجلاً فلدي دوام يفترض أن اكون فيه عند التاسعة وقد تأخرت 40 دقيقة، سارعت للموظفة “فوزية” وقد كانت تذكرني لأن أختي في يوم من الأيام زاملتها في العمل، سألتني عن حالها وأخبرتها أنها لازالت تعاني مضاعفات العملية، وأثناء حديثنا بدأت الأخت الكريمة تبحث عن طلبي وأعطته لي لكن السيد المدير وقع على الموافقة يوم الخميس القادم؟ بدون سبب واضح! كانت هي الأخرى مستغربة، وبعد لحظات أكدّت لي أن الأمر ليس إختلاطاً أو خطأ فقلت لها: (أمري لله، خلاص نجو الخميس). ماباليد حيلة لأجادل أيٍ كان، فغلطتي أني لم أكتب تاريخ تقديم الطلب وأغلب الظن أن طلبي وصل للمدير يوم الخميس أو الأربعاء الماضي.

بدأت وجهتي لفندق كورنثيا مروراً بشارع أول سبتمبر لأضع ظرفاً في إستعلامات مصرف الجمهورية فرع شارع إمحمد المقريف، حسب تعليمات أختي المكتوبة على ورقة وجدتها تحت مسّاحات زجاج سيارتي في المرآب هذا الصباح! نعم هُم لايرونني كثيراً وهذه أكثر وسائل الإتصال بي موثوقية!

وضعت الظرف، واكملت طريقي ولأول مرة أقطع الساحة الخضراء بالسيارة بعد تعديل الطريق التي امام السراي الحمراء ورفعها (10 سنتيمتر تقريباً) لتساوي إرتفاع الساحة الخضراء وذلك تسهيلاً للأستعراض العسكري الذي أقيم في إحتفالات يوم الإستقلال بليبيا، مروراً بشارع عمر المختار ثم الرشيد وأخيراً وصولاً للفندق، ركنت السيارة ودخلت ماشياً الشركة وحالما وصلت لمكتبي وبعد قولي (مساء الخير) بدلاً من (صباح الخير) لأنها مزحة تعودتها بين زملائي في العمل يمارسها من يأت متأخراً للعمل وكأني أقول: أعرف، أعرف إني متأخر ولاداعي للتوبيخ!!

أخبرني زميلي سيف أن مزود ملفات الشركة بطيء جداً، فقلت في نفسي يافتاح العليم يارزاق يا كريم، إنه من المزودات الحيوية لإستمرار العمل في الشركة وتعطله مشكلة كبيرة جداً خصوصاً إن حدثت في بداية دوام العمل، فدخلت غرفة المزودات دون تأخير لأجد ذلك اللون الأحمر الكريه يومض بلؤم، أحد القرصين الصلبين في ذلك المزود فشل في العمل، ويومض تنبيهاً، حاولت القيام بتلك الحيلة السهلة: “أخرج القرص ثم أدخله” ودخلت سريعاً لبرنامج تفحص الأقراص (HP Array Controller Utility) وغيرت نمط العرض فيه إلى النمط الحقيقي (Physical View) لأرى ماذا يحدث فعلياً للأقراص وإكتشفت أن القرص لم يقم بإعادة بناء بياناته من القرص الآخر، بل ولازال يُعرض على أنه مساحة خالية (Free Space) ضغطت على زر لعرض رسالة الخطأ (أو سبب العطل) وكان فحواها أن القرص فشل عمله ميكانيكياً، إذاً السبب أن عمره الإفتراضي قد إنتهى ووجب تغييره بسرعة قصوى.

طريقة تركيب النظام تعتمد على قرصين في وضع مرآة (Mirror) أي ان هناك قرصين صلبين بدل واحد وكليهما يعمل على أنه واحد ومايُنسخ في الأول يُنسخ في الثاني آنيا، والحالة الآن خطيرة فإن تعطل الآخر الآن سيتوقف المزود عن العمل ووجب علي عندها البدء في خطوات إستعادته لوضعه كما كان ما يعني أن كل البيانات ستعود لحالتها كما كانت البارحة وأي تعديل حدث بعد النسخ الإحتياطي البارحة سيُفقد! والقيام بالأمر ليس صعباً بالنسبة لي لكنه سيوقف عجلة العمل مما يكلف الشركة مالاً ووقتاً ثمينين.

عدت لمكتبي وفتحت الدرج لآخد مفتاح خزانة القسم ومن ثم البحث عن قرص صلب بنفس الحجم، لكني لم أجد، تذكرت أن هذا الحجم من الأقراص لم يعد يُصنع (SCSI Drive Hot-swapable 18GB) إذا سأضطر لإستخدام قرصاً بحجم أكبر، أخذت أصغر ما عندي (74GB) وعدت لغرفة المزودات لأركبه عالماً أن النظام سيستعمل 18GB فقط والباقي سيُهدر، وخلال لحظة قررت أن أستبدله بقرص صلب آخر بنفس الحجم (18GB) من مزود آخر لازال يعمل لكنه لايعتمد عليه بل يستخدمه على أنه قرص إحتياطي جاهز للعمل حال توقف أي من القرصين الآخرين (Online Spare).

لا يمكن فعل الشي نفسه مع مزود ملفات الشركة لأن عدد الشقوق فيه لايمكن أن تحتوي أي قرص صلب آخر وبالتالي خسرت ميزة مفيدة لصالح الإستفادة من أكبر مساحة لتخزين الملفات كما أن سياسة الشركة في التقنين كبلتني تكبيلاً.

قمت بعملية الإستبدال وكلا المزودان صارا يعملان بكل سعادة وإرتياح! عدت لمكتبي وأكملت ردودي على رسائل الموظفين وحل بضعة مشاكل تحتاج تدخلي، أما الأخرى فأحلتها كلٌ للشخص المناسب لها.

سألت سيفاً عن موضوع تلك الموظفة الوقحة فأخبرني أن لا أهتم بها، فقد صادفها والقت عليه التحية مع إبتسامة مما يعني إنها لاتحمل أفكاراً شيطانة بعد الآن، وأغلب الظن أن ذاك اليوم كان يوماً سيئاً لها وظلت تبحث عن من تصب جام غضبها فوجدت سيف على طبق من ذهب!

لحظة، إستقبلت رسالة قصيرة (SMS)…

[المشتريات:
من الجزار
فخدة خروف مقطعة
دجاجة مقطعة
كيلو لحم بقري مفروم

من سوق الخضرة
بصل
3 ربطات سلك

من السوق
باكو لبن
حكة صغيرة سمن حيواني
باكو دقيق
تن
فقاع
باكو جبنة فيتا أو جهينة]

إذا هذه هي قائمة اليوم للغد!

إستمر العمل بروتين إعتدته، تذكرت فجأة زميلي القديم عبدالسميع شعبان، توفى والده قبل شهرين ولم نسمع به، فقد إنقطعت أخباره وغير هواتفه ولم أتمكن من معرفة بيته، زميلي عبدالمنعم ونيس قابله مرة في الطريق السريع الأسبوع الماضي وعرف منه خبر والده فسألته إن كان لديه رقمه الجديد وكان رده بالإيجاب.

إتصلت بعبدالسميع وكان قد نسي صوتي فلم يتعرف علي حتى بعد محاولتي في قول بعض الـ(ـكلمات المفتاحية) في صداقتنا، لم يتعرف علي وهو أمر أحزنني، أعطيت السماعة لسيف حيث أعطاه كلمات مفتاحية مع القليل من الفلفل فتعرف عليه ومن ثم عليّ، قدم له تعزية في وفاة والده أسكنه الله فسيح جناته، لامه على قطيعته ثم إستلمته أنا لتعزيته وفعل الشيء نفسه، كنت أود دعوته للإفطار لكنه إعتذر كما فعل عبدالمنعم.

إعتذار عبدالسميع كان لظرف قاهر، أما عبدالمنعم فلأنه كما يبدو سمع أن عائلة الطويل تقرب لآل يم يم!!

بقية يوم العمل إستمر بين تفحص النظام ككل (تقريباً 15 مزود مختلف) وبين مراجعة مدير تحديثات مايكروسوفت WSUS مطبقاً إياها في بيئة تجريبية والتأكد من صلاحيتها وعدم تعارضها مع أي من البرامج القياسية التي نستعملها قبل تطبيقها على بيئة العمل الحية للشركة، كذلك قمت بتحديث قائمة التراخيص لمنتجات مايكروسوفت التي تملكها شركتنا وهي قائمة طويلة جداً ومُربكة.

في الآونة الأخيرة فقدت الرغبة في التطوير من نظام الشركة، كل طلب تتم مقابلته بسياسة التقنين والتقليص ففضلت كتابة كل الخطط في ملف واحد إستعداداً لتقديمه عند الحاجة بدلاً من الإفتراح ومن ثم إستقبال الرفض.

حينما أستغرق في العمل ينتهي الدوام بسرعة، وهكذا كان، تركت مبنى الشركة متجها من الطريق الساحلي السريع، فطريق سوق الثلاثاء كانت تعُج بسيارات الإفيكو، لكن الله شاء أن تكون فتحة كوبري الودان (وهي طريق عودتي عادة) مُغلقة بسيارة شرطة المرور كحل منهم لتوجيه الزحام والتحكم فيه، فقررت التبضع من منطقة أبي ستة وبهذا أكملت الطريق الساحلي السريع وصولاً لهناك.

رطوبة الجو جعلتني أصبب عرقاً حتى ان نظاراتي الشمسية تبللت وأزعجتني جداً جداً بل أن الشمس كانت تلسعني في ظهري مما ضايقني وكذلك تصرفات الناس وقلة صبرهم وأدبهم كذلك، فعلاً إن القيادة فن وذوق وأخلاق، و90% من الشعب الليبي لايملك أيهم، أحاول أن أسيطر على أعصابي مرات كثيرة لأتحلى بأيٍ من تلك الخِصل الثلات.

أكملت التبضع وعدت سريعاً للبيت مستعملاً خبرتي بأماكن الزحام مخترقاً الشوارع التي أعرف أنها:
1. ليس بها إشارة مرور.
2. لا تكون شارع رئيس.
3. لايكون بها صيانة.

وهكذا إستغرقت وقتاً أطول في العودة لكن وصلت بسلام والحمدلله.

هاتفت زوجتي لتخرج في الشرفة وتستلم مني الحاجيات، فبعد تركيب والدي لـ(ـبكرة) في أعلى البيت صرنا لا نحمل الحاجيات في الدرج وتحمل مشقة وعناء النزول والركوب عدة مرات، بل هي رحلة أو رحلتين بالحبل ويكون كل شي في الشرفة جاهز لإدخاله داخل البيت، وأنصح الجميع أن يفعلها لتلافي حمل الأثقال في الدرج مما يسبب مشاكلاً ظهرية نحن في غنى عنها، فمشاكل الظهر أغلب حلولها عمليات جراحية عافانا الله وأياكم.

إلى الدش طبعاً وبكل حقد.

أمسكت شهاب لأتفاهم معه، فاليوم هو مرح جداً ويحتاج لمن يستجوبه ليعرف لماذا هو هكذا بينما نحن حالنا صعب؟ وبعد إستجواب عنيف عرفت أن السبب (وعلى حد قول شهاب) هو: آآآ ببب مممم أاا باااا ببببب آآآآآ ممم ننننن ههه مممم!!!!!!!

كانت إجابة مُفحمة فعلاً!

تصفحت الإنترنت وبضعة مواقع متفرقة من هنا وهناك حتى رن المنبه في هاتفي تنبيهاً بموعد برنامج خواطر الجزء الخامس (قناة mbc1 الساعة الثالثة مساءً GMT) السيد أحمد شقيري (مقدم البرنامج) سافر إلى اليابان وبدأ في المقارنة بيننا وبينهم في التعليم والمواصلات والنظافة والعمل إلخ إلخ، كلما أشاهد حلقة أزداد إيماناً أني أعيش في كوكب آخر بالفعل!

قبل سنتين كنت أفكر في فكرة كهذه لمدونتي ولم تسعفني الموارد في الإنترنت لأقوم بعمل المقارنات، لكن فكرة القيام بهذا في برنامج تلفزيوني فهو لفكرة عبقرية ومؤثرة بشدة، فالصورة بألف كلمة.

كانت حلقة اليوم حول هيروشيما، أتصدقون أن اليابان بعد شهر واحد فقط من الكارثة بدأت في تطوير نظامها التعليمي؟ وبعد سبع سنوات فقط عادت اليابان كما هي قبل كارثة القنبلة حتى أصبحت اليوم ثاني قوة إقتصادية في العالم؟

والله في المرة القادمة التي أقابل فيها ياباني سأحييه وأشكره لإثباته أن الإنسان قادر على أن يفعل، وإن كل من لايفعل فهو كسول أحمق، كحال كل أمتنا العربية بما فيهم أنا.

إنتهى البرنامج وإنتهت فضيحة أمتنا لهذا اليوم، لكنها ستستمر في أماكن أخرى ولو في الخفاء.

زوجتي لم تجد كيس اللحم من ضمن الأكياس التي جلبتها معي للبيت أثناء تسوقي، فنزلت للسيارة مرتعباً من فكرة نسيانه عند المحل، إن العودة لمنطقة أبي ستة الآن قبيل المغرب تعتبر إنتحارا!ً لكني وجدته في مؤخرة السيارة في كيس أسود لم يظهر لي في ظلمة المرآب.

شهاب قلق جداً ويريد من يلعب معه، وزوجتي تُحضر في المطبخ وليست على الدوام قادرة على تلبية رغباته الملحاحة المُصرة بإلحاح مِصرار! ذهبت له في محاولة إستجواب أخرى عرفت إجابة أسئلتي بمجرد أن وصلته فرآني وبدأ بالضحك، فالسبب والرسالة واضحان (تعالو العبو معااااااااي)!

صلاة المغرب لم نصليها جماعة بسبب شهاب، فأحدنا عليه مرافقته لأنه يصرخ بشدة محتجاً على صداع رأسه فهو في مرحلة خروج أسنانه وهي فترة ترتفع فيها درجة حرارته وصداعه، وما علينا إلا إعطاؤه المسكّن وملاعبته حتى ينسى ألمه.

اليوم تذكرت شراب اللوز الموجود في الثلاجة، حتى زوجتي لم تعرف بوجوده على مايبدو! كان جيداً مع الإفطار وحتى بعده.

نظراً لتعبي ولأن الدوش لازال تأثيره قائماً فقد إستسلمت للنوم العميق حتى الثالثة والنصف صباحاً، حيث أستيقظت على أنغام إنشاد أسامة الصافي وأنشودته “وديلي سلامي يا رايح عالحرم” ووجدت زوجتي وشهاب منسجمين معه.

قررت إخراج علبة بسكويت (Digestive) لأتسحر بها مع أكواب من الحليب، فقد بت مدمناً على هذه التركيبة من السحور، وهي من إختراعي في البيت فزوجتي لم تقتنع بها في البداية لكنها أعجبتها بعد تجربتها، فأنا في مرحلة حمية ولا أود أكل أطايبها حتى لاأكتسب وزني المفقود بالإضافة لغيره فأصبح كالبرميل، كما أني سأخسر بضعة ملابس حينما تصبح أصغر من قياسي!

قرأت تدوينة منير حول الأمس، وأعطيت الرابط لزوجتي وقد فرحت بما كتبه فيها، فبارك الله فيك يا منير وجعل معرفتنا معرفة خير.

0 فكرة بشأن “مشاكل صباحية”

  1. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
    طريقتك في السرد رائعة أخي علي، فهي تجعل القارئ يستحضر الأحداث كما لو عايشها..
    قد كان يوما حافلا حقا، لكنك ممرته بسلام فهنيئا لك ^_^
    أسعد بقراءة حكاياك..
    موفق دوما..
    مني لك أرق تحية..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *