الساعة السابعة إلا عشر دقائق والآن فقط قد تنفست الصعداء.
أحدى وعشرون يوماً مرت دون أن أشعر برغبة في الكتابة والفضفضة لنفسي.. وها انا أفضفض مرة أخرى بما يزعجني وكأني سأظل هكذا دائماً أندفع بقوة نحو الحروف حينما أشعر برغبة في البوح بشئ من ذاتي الكئيبة تلك.
ما دفعني اليوم للكتابة هو تفكري في المثل القائل: مرضاة الناس، غاية لا تـُدرك.
فكم مرة فكرت أنت ونظرت في معنى هذه الجملة؟
عن نفسي، شعرت بها عدة مرات في الأغلب حينما رأيت (مثلاً) خلافات مستحيلة الحل بين عدة أطراف.. وأجد نفسي إما أن أنحاز لأحد وإلا فلا، فإن لم أكن معهم فأنا ضدهم..! ولكنها بشكل عام ستظل مجرد جملة اطلقها تعبيراً عن قلة حيلتي وعجزي.. وعن سخطي أحياناً.. ففي كل مرة يتغير المعنى ويزداد عمقاً.. مع كل موقف.. أكتشف مدى صعوبة إرضاء الكل.. وفي كل مرة أزداد سخطاً على هذا الواقع.
هناك عدة أشياء حاولت تغييرها دون جدوى.. أشياء سخيفة لكنها معقدة ومتشابكة حتى إستحال علي فهم نتيجة أي رد فعل أقوم به.. كشبكة العنكبوت تماماً.. كلما تحركت فيها إزدادت تشابكاً حولي وتعذر علي فعل المزيد.
البارحة إكتشفت أول شيء سيكون مزعجاً ومقلقاً في حياتي التي أحلم ببنائها.. وقد كنت دائماً أحاول تناسيه أو عدم التفكير فيه.. كأني أشعر بطريقة ما أنه سيكون هكذا.. لكني تأملت خيراً على الدوام.. وداومت على النظر إلى الأشياء من زواياها الإيجابية وحاولت تناسي عادتي التشاؤمية تلك، التي تحسب دائماً أسوأ الإحتمالات وتسرح بها وتنسج المواقف وطريقة تلافي أسوأها.. نسيت هذا الأسلوب لفترة أو رغبت في تناسيه حتى أغنم براحة بال.. لكن الواقع دائماً يصدمك بالحقيقة هكذا بكل قلة أدب ودونما إستئذان.. أكتشفت أن تلك الأشياء التي إلتففت حولها وتجاهلتها لعدم قدرتي على التعامل معها بطريقة تحقق لي أي هدف أريده.. أكتشفت انها لازالت تلاحقني كبرنامج حاسوب يؤدي وظيفته التي هي سبب وجوده!
إن وقفت هذه الأشياء عندي فقط، فلا مشكلة عندي.. أستطيع التعامل مع مشاعر القهر التي ستنتابني.. لأني أشعر بها وأفكر فيها بنفسي.. سأتمكن من الوصول لهدنة أو إتفاقية سلم معها.. فأسلم شرها وأنساها.. لكن أن تصل لمن أحبه.. وتفعل فيه ما أعرف إنها فعلته في.. فهذا مالا أحتمله أبداً.. مهما كان شكل الآخر مطمئن وظاهر عليه أنها لم تؤثر فيه.. سأظل منزعجاً.. لأني لا أملك ما يشعره.
كانت خطتي هي إغراق نفسي اليوم بالعمل حتى النخاع.. حتى أن قدماي تعبتا من المشي هنا وهناك.. وأخيراً قبل دقائق حدثني أحد زملائي الأجانب بالعمل:
(Ali, You have to take a vacation, you’re killing yourself)
وبعد وهلة من الإبتسامات والتعليقات المرتبكة والمجاملات.. أخبرني:
(Your smile is a tiered one! go have a holiday and change it to a happy one)
لا أدري ما الذي جعله يخبرني بكل هذا وصب جم إهتمامه علي.. هل كان يهذر فقط؟ هل شعر برغبة معينة جعلته يحاول التقرب مني مثلاً؟ ولماذا أصلاً؟؟ أعتقدت إنها نظرة الأجنبي للعربي، أي مزينة بنوع من السخرية مثلاً؟ أو يقصد العكس من كلامه وأنه يقصد أني لا أعمل بجد؟؟
بصراحة ومع كل طرق التفكير والإحتمالات التي ذكرتها ولم أذكرها، لم أجد إجابة واضحة تكفيني.
ذهبت لدورة المياه لأغسل يدي.. ونظرت للمرآة.. فعرفت لما كان هذا الزميل يحادثني بذاك الحديث.. علائم التعب على وجهي.. بل علائم الإهمال بادية عليه بوضوح وكأني أكبر بعشر سنوات من عمري الحقيقي.. فتكدر حالي.. ورجعت خائباً لأكتب هذه اللحظة وأخلدها هنا في مدونتي.. وسأعود لبيتي ومن ثم لفراشي آملاً ان يأت النوم سريعاً.. فأنسى عدة أشياء تضايقني.. وأفتحهما غداً الجمعة.. لأذهب لعملي من جديد.
أعتقد أني سأعيد النظر في عدة أساليب أعتمدها لدرء شر الكثيرين عني.. منهم من يعيشون حولي كل يوم.. وأعتقد أني سأعيد النظر في طريقة تمضيتي ليومي.. وحقاً لاأدري كيف سأفعل هذا.
أن أملك الأمنية.. ولا أملك الرغبة ولا القدرة النفسية على التنفيذ، فهذا أمر يستحق إعادة النظر فيه بالتأكيد..!!
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
(عند الساعة 7:53 مساءً، فندق كورنثيا باب أفريقيا)