الواقع أن…
الواقع كثيراً ما يكذب… وحواسنا كثيراً ما تضللنا…
حواسنا تقول أن الشمس تدور كل يوم حول الأرض، ولكن هذا الواقع الساذج لم يستطع الوقوف على قدميه أمام البحث، وثبت أن الأرض هي التي تدور حول الشمس، وبالمثل يبدو لنا القمر كل ليلة وكأنه أكبر كواكب السماء، ومع ذلك فهو في الحقيقة أصغرها…
وحواسنا تدرك المادة على أنها شيء جامد متماسك، لكن الحقيقة أن المادة مفرغة مخلخلة، وأشد المواد صلابة كالحديد مخلخل في داخله ومؤلف من ملايين الذرات المنثورة في فراغ أثيري، وبين كل ذرة وأخرى مسافة كبيرة خلاء، والذرة نفسها مؤلفة من هباء مخلخل، نواة تدور حولها كهارب في فلك أثيري خلو من أي شي، ولكن العين لا ترى هذه المسام الواسعة، ولا ترى الذرات على حقيقتها وهي متباعدة عن بعضها البعض، وإنما ترى كتلة مصمتة من الحديد.
والأعجب من هذا إنه ثبت أن ذرات المادة يمكن تحطيمها وسحقها وطحنها وكبسها في حيز صغير جداً، وهذا هو ما يحدث في باطن النجوم الملتهبة، فالذرات في باطن النجوم تتحطم وتنسحق من فرط الحرارة ثم يتم كبسها تحت ضغط هائل إلى حيز صغير جداً بدرجة أن المتر المكعب يحتوي على عدة ملايين من أطنان المادة المضغوطة.
وإذا أمكن كبس الكرة الأرضية وسحقها بهذه الطريقة فإنه يصبح بالإمكان إن توضع كلها في كيس متوسط الحجم، فالدلالة الواقعية للحجم أصبحت هي الأخرى دلالة كاذبة.