ما أسهل بناء الحجر وما أصعب بناء الإنسان.
لا شك ان أهم عوامل النجاح في أي مشروع ليس البناء ولا المكان، بل يكون بالقدرة على بناء الإنسان، فالإنسان هو جوهر أي عمل وأي مشروع تنموي، بل هو روحها وسر نجاحها، وبالتالي فإن سر فشل أي مشروع إصلاحي تنموي هو الإنسان نفسه، روحاً وفكراً وأداء.
إن محاولة إستيراد حلول من خارج حدود الوطن او العمل على إستنساخ مشاريع نجحت في بلدان أخرى لهو ضرب من إهدار المال والوقت والجهد، فالماديات من آلات وأجهزة وبناء لاتساوي شيئاً مادامت خالية من اناس تعمرها تتحلى بالهمة والإنتماء العميق للوطن فكراً وقيماً وسلوكاً وممارسة.
يجب أن تدرس أحوالنا النفسية والفكرية والروحية والثقافية، يجب أن تشكل صورة متكاملة عن البناء الإنساني لنا قبل محاول تزويدنا بأي مساعدة مادية، يجب أن نعمل على بناء الإنسان فينا قبل الحجر.
إن أي مشروع تنموي يتم التخطيط له وبناؤه بداية من قيم الإنسان، فمن السهل بالطبع توفير الأشياء المادية وإحضارها وتوفيرها لكن من الصعب جداً بناء النفس وعلاجها وتنقيتها والتي تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين حيث أن تجاهل هذه الجزئية من بناء أي مجتمع يسبب إلى الخراب فتنتفي معاني الحياة ولا تصير لها أي أهمية وبالتالي لايهتم الإنسان لمضمونها الحقيقي.
الإسلام جاء ليحرر الإنسان من عبوديته للطبيعة والأشياء والحيوان، والشيطان، وكذلك من عبوديته للإنسان، بل ومن عبوديته لنفسه وهواه، فلا يعبد إلا الله، ولا يشرك به شيئا.
علينا أن نترك الماديات ونتجه لبناء الإنسان لأن فيه صلاح لدنيتنا وآخرتنا.. ونعم هو العمل الأصعب، لكنه سبيل خلاصنا.