تخطى إلى المحتوى
الرئيسة » المدونة » وداعاً يا ساحتنا العربية

وداعاً يا ساحتنا العربية

أعلن مؤسسي موقع الساحة العربية، الذي يعد واحداً من أكبر 50 موقعاً إلكترونياً على مستوى العالم، عن عزمهم إغلاق الموقع في يوم 1 أغسطس 2012، حيث تعتبر الساحة العربية من أوائل المواقع العربية على الإنترنت والتي تأسست في 1997 بصفتها أول موقع للحوار العربي على شبكة الإنترنت، والتي حظيت فيما بعد بانتشار واهتمام كبيرين من قبل المستخدمين في العالم العربي.


والساحة العربية قد واجهت تحديات كبيرة لعل من أبرزها قيام السلطات المختصة بحجب الموقع في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي أكد القائمون على الموقع عدم توصلهم إلى تفسير منطقي رغم محاولاتهم المتكررة لتوضيح السبب من خلال لقاءاتهم مع صناع القرار.

مؤسسيه قرروا إقفاله لعدم قدرتهم على متابعته تقنياً وفنياً، وهو امر لطالما كنت أعظمه فيهم، فالساحة عانت كثيراً من محاولات الهجوم عليها وتخريبها وحجبها في المملكة السعودية لأسباب أرى انها سياسية لما تطرحه الساحة العربية من حرية للتعبير فيها وقراءتي شخصياً للعديد من المواضيع التي تمس عناصراً كبيرة للفساد في المملكة السعودية قبل حذف تلك المواضيع واختفاء أسماء أصحابها!

فموقع الساحة العربية هو أول منتدى عربي أقوم بالاشتراك والمساهمة فيه منذ سنة 1999، وقد كان له الفضل الكبير في انخراطي بهذا العالم السيبراني.

تجربتي في الساحة العربية كانت بشكل عام جميلة جداً، وقد كانت مرتعاً خصباً لأعطيها أفكاري، وقد كنت أكتب فيها باللغة العربية الفصحى، وأعتقد أني كنت من الليبيين القلة إن لم أكن من الأوائل الذين شاركوا فيها بالحلول التقنية والمنشورات الأدبية كذلك، حيث تم تناقلها بشكل كبير في الإنترنت، وما أذكر منها هو قصيدة تدفق في البطحاء بعد تبهطل  😉

ابحث عن اسمي في ساحة الكمبيوتر والتكنولوجيا

مع زيادة الأعباء التقنية على المسؤولين، بدأ المشرفون بحذف أي مشاركة مرة عليها فترة معينة من الزمن، كنوع من الحلول الناجعة لتصغير قاعدة البيانات وبالتالي زيادة أداء الموقع ككل، لكنني خسرت العشرات من مشاركاتي بهذا الأمر مما أعطاني جرعة حنق شديدة قررت بعدها الرحيل عنها وإنشاء منتدى خاص بي، حيث كانت المنتديات الليبية وقتها يمكنك عدها على أصابع يدك الواحدة، وأتحدث هنا عن سنة 2000 و2001 تحديداً حيث أذكر عدم وجود منتديات ليبية جدية في ذلك الوقت.

لن أنسى الساحة العربية، فقد احتضنتني وغيري فيها دون مقابل وأعطتنا متنفساً حراً للتعبير، ولن أنسى شبكة مواقع فارس نت التي استفدت كثيراً منها طيلة سنوات ومنذ اول خطوة أخطوها داخل هذا العالم قبل أكثر من إثني عشر سنة.

الساحة العربية تودعنا
الساحة العربية تودعنا


أترككم مع نص بيان الساحة العربية..

أعزاءنا زوار وأعضاء الساحة العربية،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد 15 عاما من خدمة الحوار العربي على شبكة الإنترنت، يحزننا أن نعلمكم بأن الوقت قد حان لكتابة الموضوع الأخير على صفحات الساحة العربية.

بدأنا هذا المشروع في عام 1997 كأول موقع للحوار العربي على شبكة الإنترنت. عاصر الموقع الكثير من الأحداث، وتشرف باستضافة الكثير من الأقلام، من جميع الفئات بما في ذلك أكبر أصحاب القرار. كان في قلب الحدث دائما، وكان أول من أعلن الكثير من الأحداث، وكان أجرأ من ناقش الكثير من الخفايا، وكان مقياسا دقيقا استغلته وسائل الإعلام العالمية لجس نبض الشارع العربي الحقيقي. ذهب إلى أبعاد غير مسبوقة في حرية الرأي وفرض معايير جديدة على الإعلام العربي.

الكثير من الضباب أحاط بحقيقة الساحة العربية، من يملكها؟ من يديرها؟ وما هي أهدافها؟ رغم البساطة الشديدة التي كنا ندير فيها الأمور منذ اليوم الأول. الموقع أنشأته مجموعة من شباب دولة الإمارات الذين جمعهم الشغف بالتقنية أثناء مرحلة الدراسة الجامعية، كل منهم له آراء وتوجهات وأفكار واهتمامات قد تختلف مع الآخرين. لكنهم جميعا يتفقون على أهمية الحوار ويثمنون دوره في تقريب وجهات النظر المختلفة. وهذا الإيمان المشترك بينهم كان دستور الساحة العربية منذ بدايتها ولم يتغير أبدا. حرية الرأي مكفولة للجميع، لطرح أي شئ، باستثناء البذاءة والخروج عن القانون. وللحرص أكثر على الحياد، حرصنا على عدم الكتابة بأسمائنا الحقيقية في الساحة العربية، خوفا من أن يخلط أحدهم بين أفكار أحد المؤسسين وبين توجهات الموقع.

قد يكون حرصنا المبالغ فيه على الحياد أكبر أخطائنا في الساحة العربية. فإصرارنا عليه جعلنا خصما محتملا لكل صاحب رأي، خاصة الإقصائيين منهم. فصاحب الرأي اليميني المتطرف لا يرانا مؤيدين له ومضطهدين لمن يخالفونه، فيعتبرنا معهم ضده. واليساري المتطرف مثله. فصرنا نسمع اتهامات العمالة والانحياز من كل الأطراف المتناقضة. وللأسف البعض أخذ الموضوع بشكل شخصي فعلا وحاربنا داخل وخارج الإنترنت.

من باب الإنصاف والشفافية، نحب أن نتحدث عن بعض الأمور التي أثيرت حول الساحة العربية والقائمين عليها، فمن حق الزوار والأعضاء الكرام أن يعرفوها حتى لا تبقى الساحة العربية لغزا يخوض المغرضون في تفسيره على هواهم.

هل كانت الساحة العربية تابعة لأجهزة مخابرات؟ كلا. لم نتبع أي جهاز أمني. لا يعمل أي منا في جهاز أمني. لم نسرب أي بيانات لأي جهاز أمني. لكن في عصر الإنترنت لا تحتاج أجهزة الأمن لتعاوننا أصلا للحصول على أي بيانات. من السهل عليها تعقب أي شخص.

لماذا حجبت الساحة العربية في المملكة العربية السعودية ولماذا قصرت إدارة الساحة في رفع الحجب؟ سبب الحجب لا نعلمه. كنا نتوقع مثلكم جميعا أن يكون الحجب بسبب تناول بعض الأعضاء لمسائل حساسة جدا في حواراتهم. لكن هذا السبب تبخر ولم يعد مقنعا في ظل وجود مواقع وشبكات اجتماعية تتناول المواضيع بشكل أجرأ مما تم في الساحة العربية. لم يتم حجب تويتر مثلا، ولم يتم حجب الفيسبوك. هل تركنا الأمر للظن والتساؤلات؟ كلا. قمنا بزيارة المملكة العربية السعودية ومقابلة أصحاب القرار في مختلف المؤسسات ذات الصلة. إجابات المسؤولين، وبعضهم كان على أعلى مستوى، كانت غامضة وغير واضحة. البعض أعرب عن استغرابه من حجب الساحة، والبعض توقع أن يكون الحجب من جهات أخرى. زرنا هذه “الجهات الأخرى” واستمر لوم الآخرين. توقفنا عن المحاولة عندما وجدنا أنفسنا ندور في حلقة مفرغة، كل شخص فيها يؤكد عدم مسؤولية الجهة التي يمثلها ويدلنا على الجهة التالية. حتى اليوم لا نعرف سبب حجب الساحة العربية في المملكة العربية السعودية، ولا نعلم الجهة الحقيقية التي تقف خلفه ودوافعها.

هل تم بيع الساحة العربية؟ هل دخل إليها مستثمر؟ كلا. ملاك الساحة العربية اليوم، هم أنفسهم ملاكها عند افتتاحها. حصلنا على عروض عديدة لشراء الساحة العربية. رفضنا بعضها بسبب انخفاض المقابل. ورفضنا البعض الآخر بسبب عدم اطمئناننا لنوايا المشترين.

هل كانت الساحة العربية مشروعا مربحا؟ كانت كذلك في بعض الفترات. حصلنا على عقود رعاية وإعلان غطت تكاليف الساحة لفترات طويلة وساعدت في تطويرها. واستمرت هذه العروض حتى بعد الحجب في المملكة العربية السعودية، فالحجب وإن صعّب الدخول إلى الساحة إلا أن الأرقام لم تختل كثيرا، فوسائل اختراق الحجب انتشرت بشكل مخيف في السعودية بعد حجب الساحة العربية حتى اضطررنا لحظر تداولها في مواضيع الساحة حرصا على عدم تسهيل الدخول للمواقع الإباحية والضارة. بعد مرور زمن على الحجب كان واضحا أن الأضرار لم تكن بذلك السوء، إلى أن بدأ بعض المعلنين في استلام اتصالات تأمرهم بإيقاف حملاتهم في الساحة العربية. اتصل بعضهم فينا طالبين إيقاف حملاتهم الإعلانية فورا، بعضهم عرض التنازل عن قيمة العقد خجلا، لكننا رفضنا وقمنا بتعويض كل من طلب إيقاف حملته. ومنذ هذه الحادثة قلت عائدات الإعلان كثيرا وصارت الساحة العربية لا تغطي تكاليفها، ناهيك عن محاولات الهجوم والإغراق التي كانت تستنزف ميزانيتها. واضطررنا للإنفاق عليها بشكل شخصي.

لماذا كان التسجيل في الساحة العربية مغلقا؟ فتح التسجيل في الساحة العربية كان سيترتب عليه زيادة في عدد الأعضاء وعدد المواضيع وعدد الردود. وبالتالي زيادة في الموارد التقنية وعبئ على النظام. لم نكن قادرين على توفير الموارد الإضافية بسبب الصعوبات المادية.

لماذا استمرت الساحة رغم هذا كله؟ بسبب إيماننا بالحوار وبالرسالة التي كانت الساحة العربية تقدمها. بسبب شغفنا بالمحتوى الإلكتروني العربي ورغبتنا بإثرائه. وبسبب العلاقة الحميمة التي تربطنا بالساحة العربية التي شاهدناها تكبر من مجرد ساحة للحوار المباشر (شات) إلى أكبر المواقع العربية، وتدخل ضمن أكبر 50 موقع إلكتروني على مستوى العالم يوما ما، ويتم ذكرها في كتب ومناهج دراسية وأفلام سينمائية ووسائل إعلام. ولأننا كنا دوما نخطط للنسخة القادمة من الساحة العربية ومميزاتها الحديثة مما يجعل المستقبل يبدو دوما أجمل. لهذه الأسباب كنا نصر على الاستمرار رغم أن كل المؤشرات كانت تدل على أن وقت النهاية قد حان.

ختاما، لماذا قررنا أن نغلقها؟ لكل بداية نهاية. الساحة العربية أعطت الكثير، وأعطيناها الكثير. لكنها تحولت في السنين الأخيرة لعبئ ثقيل. لم نعد قادرين على التكفل بالإنفاق عليها، والأهم من ذلك لم نعد قادرين على تخصيص الساعات اليومية لمتابعتها إداريا وتقنيا. كل منا تطور في مجال تخصصه ومهنته، ولا نستطيع أن نهمل مسؤولياتنا المهنية والأسرية أكثر. جاء القرار وكان صعبا جدا. تأجل لأشهر عديدة. كان القرار منطقيا منذ زمن، لكن لم نجرؤ على اتخاذه من قبل. فالساحة العربية عزيزة جدا. لكن كما أسلفنا، لكل شئ نهاية. ونحمد الله على كل شئ.

نشكركم كثيرا على دعمكم المستمر. وعلى صبركم. نعتذر منكم كثيرا عن أي تقصير أو أي إزعاج. نتقدم بكل الشكر والعرفان والتقدير للأخوة الذين تطوعوا للإشراف على مختلف الساحات أثناء تاريخ الساحة العربية، وأيضا من أشرفوا على الفعاليات، ومن تطوع لمساعدتنا بأي شكل من الأشكال، والشركات التي ساهمت في تطوير واستضافة وتسويق الساحة العربية. هؤلاء كانوا دائما يشجعوننا على الاستمرار والعطاء أكثر. نعتذر كثيرا وبشكل شخصي من كل شخص أزعجته الساحة العربية بأي شكل من الأشكال. لم نستهدف أحدا إطلاقا في الساحة العربية وكنا ننزعج دوما عندما نعلم أن أحدهم تضايق بسبب شئ تم نشره في الساحة.

نسألكم الدعاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مؤسسي الساحة العربية:

طارق فارس @xtareq

فارس فارس @Fares

جابر محمد @jaberm_ar

بيان إقفال الساحة العربية
بيان إقفال الساحة العربية

ولمن خطر في باله أنه لماذا لم يتم بيع الموقع لمن يمكنه استلام الراية، فقد كان لي خاطرة وشاركني فيها السيد جابر أحد مؤسسي الساحة العربية على موقع تويتر:

4 أفكار بشأن “وداعاً يا ساحتنا العربية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *