ماهو التصوير؟

حسب التعريف الموجود في موسوعة ويكيبيديا: التصوير المنظورى أو التصوير الضوئي أو الفوتوغرافيا (مشتقة من اليونانية، وتعني الرسم بالضوء)، مرادف لفن الرسم القديم فمن خلال العدسة يقوم المصور بإعادة إسقاط المشهد أمامه على وسط يمكن من خلاله إعادة تمثيل المشهد فيما بعد.

والتصوير هو عملية إنتاج صور ومنظر بوساطة تأثيرات ضوئية؛ فالأشعة المنعكسة من المنظر تكوِّن خيالاً داخل مادة حسّاسة للضوء، ثم تُعالَج هذه المادة بعد ذلك، فينتج عنها صورة تمثل المنظر. ويسمى التصوير الضوئي أيضًا التصوير المنظورى الفوتوغرافي.

تقنية أو تكنولوجيا شريط التظهير أو الفيلم المستظهر جزء واحد من التصوير المنظورى الفوتوغرافيا ولكن فن تصوير المناظر أو تصوير الفوتوغرافيا هو كيف يشاهد فنان المناظر الفتوغرافي العالم، يهدف بعض الفوتوغرافيين أو المصورين المناظريين إلى نشر وجهات نظرهم من خلال تصميم مناظر صورهم.

لماذا التصوير؟

التصوير يضيف مصداقية للمعلومات التي يتم نشرها من حولنا. الصور التي تصاحب خبراً، على سبيل المثال، تضيف بعداً من التأييد للكلمات التي من الممكن أن تكون ملفقة. الصور أيضاً تخدم قضية التثقيف حول موضوع ما. القراء يمكنهم فهم أي موضوع بشكل أفضل حين يلقون نظرة على صورة كنوع من المرجع للخبر أو القصة المطروحة.

التصوير الفوتوغرافي هو أكثر دقة من أشكال وسائل الإعلام المرئية. موثوقية اللوحة الفنية، على سبيل المثال، تعتمد على مستوى مهارة الفنان، وعلاوة على ذلك أي فنان بإمكانه أن يضيف أو يحذف أو يجمّل ما يشاء في لوحته، لكن الكاميرا هي أداة تحقق نتائج قياسية، فهي تلتقط المشهد كما هو بغض النظر عن من يستخدمها.

الناس لديهم ردود عاطفية على الصور. ما يراه الناس عادة يؤثر على الرأي الخاص بهم أكثر مما تؤثر فيهم الكلمات مقروءة أو مسموعة. ووفقاً لوزارة الإعلام جامعة ولاية داكوتا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية، هذا من أهم الأسباب الذي جعل إدارة أمن المزارع التي رأسها فرانكلين روزفلت استأجرت المصورين لالتقاط محنة أمريكا الريفية وتحويلها إلى صور، وهذه الصور التي نشرت في المجلات، جعلت الأمة الأمريكية تتحرك لدعم القضية.

يُعَد المصوّر الصحفي، شأنه شأن الكاتب، مراسلاً، لكن ينبغي عليه في أحيان كثيرة اتخاذ قرارات فورية وحمل معدات التصوير الفوتوغرافي, أثناء تعرضه عادةً لعقبات كبيرة (مثل، المخاطر البدنية، أو الطقس السيئ، أو حشود الناس).

الأمثلة كثيرة حول تلك القضايا التي لطالما تم الحديث حولها في وسائل الإعلام المختلفة، وكان أكثرها تأثيراً تلك المقرونة بصورة ترسخ في الأذهان لسنوات كثيرة، لتختزل قضية شعوب في مستطيل واحد، هي صورة التقطتها عين إنسان لتضعها في صورة.

الفرق بين أدراج صورة وبين كتابة وصف عنها، هو الفرق بين الحقيقة المجردة والحقيقة التي يراها كل شخص فينا.

كل فرد منكم ممن سيشاهد الصور التالية سيستقبلها بشكل مختلف، وكل شخص سيكون عن كل صورة مفهوم مختلف وستتفاوت ردود الأفعال عند كل صورة، فمنكم من سيرى أنها تافهة ومنكم من سيحزن لبعضها ويغتبط لأخرى وحتى قد يتشفّى!

لهذا، تعتبر الصورة هي الوسيلة الأمثل لإيصال الحقيقة كما هي دون فبركة او تلميع، ليحكم كل شخص فينا عليها من وجهة نظره الخاصة دون أي تأثير من الآخرين.

سأدرج لكم بعض الأمثلة لصور مشهورة، مر عليها الزمن لتظل شاهدة على مواقف إنسانية خالدة.

حرب فيتنام

مهما تحدثت عن حرب فيتنام ووصفتها، سيظل ذهن البشر مختلفاً حول ماهية ما حدث، لكن صورة واحدة قد تتمكن من وضعك في مكان الحدث وتنقل إليك مشاعراً ما لم تكن الكلمات قادرة على فعله، كهذه الصورة التي التقطت قبل 70 سنة للتذكير بالحرب في فيتنام. (مصدر الصورة)

الفتاة الأفغانية

في سنة 1984 المصور ستيف مكوري كان في مخيم للاجئين الأفغان في باكستان، ويقول ستيف إنه قد تبع صوت حديث ما إلى خيمة حيث وجد مجموعة من الفتيات، “لقد لاحظت فتاة واحدة شاردة ولديها زوجان لا يصدقان من العيون والتي شعرت وكأنهما مسكونتان أو خارقين جداً”، والتقط مكوري صورة انتهى بها المطاف أن تكون غلافاً لمجلة ناشيونال جيوغرافيك عدد يونيو 1985، و “الفتاة الأفغانية” صارت ايقونة وأكثر صورة معروفة في عصرنا هذا، وبهذه الصورة القى مكوري الضوء على قضية لم يكن العالم يعطيها اهتماما.

مما يعني ليس بالضرور أن تكون الصورة تشرح مأساة، بل هي مجرد تسليط الضوء على شيء ما وقضية ما دون أي تحوير أو إضافات أو كلمات مفبركة، الصورة كما هي تطرح في ذهنك آلاف الأسئلة، وهنا ينتهي دور المصور. (مصدر الصورة)

الطفلة السودانية

من منا لا يعرف صورة النسر الجائع والذي ينتظر الطفل السوداني الهزيل ليموت وينقض عليه؟ هذه الصورة التي التقطها كيفين كارتر سنة 1993 في جنوب السودان والتي نال لأجلها جوائز عديدة لألقائه الضوء على قضية السودان وما يعانيه أهل السودان، ولعل ما يضيف بعداً آخراً للصورة أن المصور نفسه، كيفين كارتر، أثرت هذه الصورة فيه بسبب العنف الذي عايشه وجهله بمصير تلك الفتاة الصغيرة، حيث اعترف لصديقه أنه متأسف جداً جداً لأنه لم يلتقط ذلك الطفل، وبعد استلامه جائزة بولتزير بثلاثة أشهر، انتحر.

الآن أخبرني ما مدى تأثير هذه القصة في نفسك، وهل ستشعر بنفس الشيء لو أنك قرأت مجرد خبر حول الحرب التي تدور في السودان تلك الفترة وبين أن ترى الصورة وتتساءل عن مصير تلك الطفلة وتعلم عن انتحار ملتقط صورتها. (مصدر الصورة)

فرنسيات نازيات

المصور روبرت كابا يخلّد المعاملة التي تلقتها النساء الفرنسيات ممن تم اتهامهن بمساعدتهم للنازيين خلال تحرير “كرنفالات قبيحة” سنة 1944 بفرنسا، وهي مرحلة من مراحل التاريخ نرى فيها الفرق بيننا وبينهم، وكلنا نذكر ماذا حدث للنساء الليبيات ممن خانن الثورة المعمرية وكذلك لا ننسى الطرف الآخر وكيف عامل ثوار فبراير الآخرين، الكل أمعن في القتل لأجل الإنتقام، والآن قرن حالنا بحال هذه المجتمعات التي ترى أن الإمعان في الإذلال ربما أفضل من القتل الذي حرمه الله. (مصدر الصورة)

لقاء حميم

سنة 2007، تيري قورولا تلتقي بإبنتها بعد تأدية الخدمة العسكرية في العراق لمدة 7 تشهر، حيث عملت هناك كطبيبة، وقد يكون المشهد أمر طبيعي من أم مشتاقة لإبنتها، لكن لاحظوا معي البكاء الموجع والذي يجعلني أرى أن الأم هي من تطلب الأمن في حضن إبنتها بعد ما عاشت ويلات الحرب الضروس. (مصدر الصورة)

تسونامي اليابان

مواطنة يابانية تجلس وسط الركام الذي أحدثه تسونامي سنة 2011، مهما حاولت أن أصف لك الدمار الذي أحدثه، لن أتمكن من وضعك هناك لترى بأم عينك ما حدث، وربما حتى الصورة لن تتمكن من نقل الصقيع وحدّة الشمس هناك وما يعنيه أن ترى مدينتك مدمرة بالكامل ولا حول لك ولا قوة. (مصدر الصورة)

فحش وعري

أنيت كيلرمان تدعو النساء إلى حقهم في ارتداء ملابس السباحة الضيقة في سنة 1907. والتي تم القبض عليها لاحقاً بتهمة قلة الاحتشام. والآن فكر معي في مدى تطور الفسق والعري في العالم وبين ما كان يتم تصنيفه قلة احتشام بالأمس واليوم، هذا النوع من الصور قد لا يخدم قضية ما في وقته، لكن يظل شاهداً على حقبة معينة من تاريخ الإنسانية والذي قد يحدث تغييرا في ذهن الإنسان لاحقاً ويغير من نظرته، وربما أنه حينها حتى المصور قد تم إتهامه بممارسة خطأ ما لتصويره هذا الفحش والعري! (مصدر الصورة)

الطفل السوري

ولأنهي هذه التدوينة، من منا لم يرى أو يسمع بصورة الطفل السوري الذي توفي غرقاً ووجد ملقى على شواطيء تركيا نتيجة هرب الملايين من السوريين خشية التأذي من الحرب الدائرة هناك؟ تلك الصورة قد الهبت مشاعر الكثيرين كل فرد فيهم عبر بطريقته، شعر، نثر، رسم، وكذلك قد تحرك لأجلها على أرض الواقع مئات الآلاف من غير المسلمين (للأسف) لتبقى هذه الصورة شاهدة على فترة خزي وعار تمر على الأمة الإسلامية ربما لن نرى أحلك منها.

من التقط هذه الصورة قد يتم إنتقاده أنه “مش وقته” و”عيب عليك” وغيرها من ردود الأفعال الجاهلة بأهمية التقاط الصورة وتوثيق الحدث الذي ربما لم يستمر إلا لدقائق قبل أن تأتي الشرطة التركية وتزيل هذا الجثمان الطاهر، لو لم تكن هناك حرية تصوير لمات الملايين دون أن نعلم عن محنتهم شيئاً.

الخلاصة

التصوير رسالة سامية ووسيلة فعالة لتوثيق التاريخ والحياة اليومية للمجتمعات للتعريف بها وتسجيلها، وفي سؤال طرحته على صفحتي الشخصية على الفيسبوك سألت فيه “لماذا التصوير الضوئي مهم للمجتمع؟” أجابني بعض الأصدقاء..

يقول أيمن عاشور:
لتوثيق الحياة اليومية الليبية والتعريف بها للمجتمعات الاخرى، لنقل صورة واضحة للاجيال القادمة عن ماذا كنا وكيف عشنا.

كما يقول وائل المنقوش:
اول حاجة للتعريف ببلادنا ثاني حاجة هي هواية ممتعة وتاخذ التفكير واتطور الفكر والابداع واتبعّد شبابنا عن العادات السيئة.

ويقول بشير بيزان:
توثيق لحظات عفويه و أو غير عفويه تحفظ للتاريخ.

ويقول عبدالمنعم اسماعيل:
ليرى المجتمع اشياء ﻻ يراها على وسائل اﻻعلام المأجورة.

ويقول محمد شقلوف:
احيانا تكون الصورة معبرة وشامله ويمكن نستخلص منها مجموعة دروس وتكون الفايدة للمجتمع أكثر من مقاطع الفيديو.

ويختمها يونس الزويبطي بقوله:
التصوير حياة، يكفي ان صورة واحدة تكفيك عن عشرات الصفحات المكتوبة اذا كنت تريد نقل مشاهدة او توثيق لموضوع معين ، وكذلك التوثيق عبر الصورة نقل لنا معيشة وحياة من قبلنا بالاضافة الي النصوص المكتوبة ، الصورة تعبر عن مشاعر الانسان بطريقة تفوق البوح بها احيانا.