تخطى إلى المحتوى
الرئيسة » المدونة » من هو المُدوِّن؟

من هو المُدوِّن؟

الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة للبعض، فقد تشابكت وتداخلت المفاهيم حتى صار مفهوم مُدوِّن مقروناً بمجال واحد أو إثنين فقط في ذهن العديد من الناس، وهنا وجب توضيح وجهة نظري بصفتي من المدونين القدامى في ليبيا.

هل المُدوِّن هو كل من امتلك مُدوَّنة؟ ام أن هناك معاييراً معينة يجب أن تنطبق عليه ليستحق تسمية مُدوِّن؟

تعريف

لنبدأ بتعريف المُدوَّنة مستنداً على بعض الحقائق المعروفة التي لا تحتمل الطعن فيها، وخلال استرسالي ستضح الإجابة عن السؤال شيئاً فشيئاً.

ماذا نسمي المكان الذي تحدث فيه عملية الطباعة؟ نسميه مطبعة، وعلى نفس السياق، المكان الذي تحدث فيه عملية التدوين نسميه مُدوَّنة، والمُدوَّنة هي كلمة عربية قُحّة، تعني التسجيل بالكتابة.

دوَّنَ يُدوِّن، تدوينًا، فهو مُدوِّن، والمفعول مُدوَّن، أي:

  • دوَّن الشَّيءَ سجَّله، أثبته بالكتابة حفظًا له من الضَّياع “دوَّن وقائعَ / ذكريات”
  • تدوين السُّنَّة: كتابتها بشكل جماعيّ، وكان ذلك على رأس المئة الثانية من الهجرة.
  • دوَّن الكتبَ: جمعها ورتّبها، فالكتب في قديم الزمان تُنسخ بالكتابة يدوياً، أي يتم تدوينها.
  • تدوين الزكاة، أي كتابة مقاديرها.

تحديث للتعريف!

لكن مع حداثة الإنترنت، صار الفيديو والتصوير والصوت أنواع جديدة من التدوين، فبالإضافة إلى الكتابة (التدوين) يمكننا تعريف المُدوَّنة كذلك على أنها موقع على الإنترنت، يجري تحديثها بشكل متكرر بمحتوى يسمى تدوينة تتكون من سلسلة من النصوص، أو الصور، أو الفيديو أو الصوت، (كلها معاً أو بعضها فقط أو إحداها فقط)، وتكون مرتبة زمنياً من الأحدث الى الأقدم بحيث تظهر آخر الإضافات على الصفحة الأولى للمُدوَّنة.

المُدَّونة هي التعبير الأقرب في اللغة العربية لمفهوم كلمة “blog” الإنجليزية (وإن كنت أتمنى ابتكار تسمية أخرى حديثة وأدق) وهي صيغة مختصرة تكونت من كلمتي “web log” بمعنى سجل الشبكة.

التدوين وسيلة نشر عامة وسهلة الامتلاك، أدت إلى زيادة دور الإنترنت باعتبارها وسيلة للتعبير والتواصل أكثر تأثيراً من أي وقت مضى، بالإضافة إلى كونه – التدوين – وسيلة للنشر والدعاية والترويج للمشروعات والحملات المختلفة، ويمكن اعتبار التدوين إلى جانب البريد الإلكتروني، أهم خدمتين ظهرتا على الإنترنت.

انواع

بينما يخصص بعض المُدَوِّنون مُدَوَّناتِهم للكتابة في موضوع واحد، يوجد آخرون يتناولون موضوعات شتى في ما يكتبون (كمدونة طرابلسي)، فالموضوعات التي يتناولها الناشرون في مدوناتهم تتراوح ما بين اليوميات، والخواطر، والتعبير المسترسل عن الأفكار، والإنتاج الأدبي، ونشر الأخبار وآرائهم فيها، بالإضافة إلى الموضوعات المتخصصة في مجال التقنية والإنترنت ذاتها.
توجد مدونات تقتصر على شخص واحد، وأخرى جماعية يشارك فيها العديد من الكتاب، وكما ذكرت قبل قليل، هناك مدونات تعتمد أساسا على الصور فقط (PhotoBlog)، ومن ثم التعليق عليها، كما أن هناك مدونات فيديو فقط (VideoBlogs) حيث لا تجد إلا مقاطع فيديو فيها، تبدو أحياناً بعضها كبرامج تلفزيونية راقية من شدة إتقان أصحابها في انتاجها، كما ان هناك مدونات الأخبار والتي يكتب فيها أصحابها آرائهم في بعض الأحداث التي تحدث حولهم، لا نقل مجرّد للأخبار كصدى الصوت.

معاييري الخاصة في المدون

حسناً، بعد هذه المقدمة الطويلة التي أرى أن لا مفر منها حتى اتمكن من تحديد بعض المفاهيم الأساسية في عالم التدوين، نعود للسؤال: من هو المدون؟

كلنا نعرف أن ليس كل من يحمل صوّارة فهو مصوِّر، كما ان ليس كل من حمل ريشة الرسم هو فنان، وبهذا فليس كل من ملك موقعاً سماه مُدوَّنة وأطلق على نفسه لقب مُدوِّن هو بالفعل مُدوِّن! لكن بما أننا لا نملك مؤسسة اكاديمية لتخريج مدونين معترف بهم، علينا أن نضع بعض المعايير، وانطلاقا من خبرتي كمدون، آثرت أن أذكر لكم معاييري في تحديد المُدوّن والمُدوَّنة:

  1. المُدوَّن هو كل شخص يكتب عما يجول في خاطره من أفكار للتواصل مع الآخرين، فالمُدوَّن هو كالباحث، لا يعتمد على النقل وتمرير كلام وأفكار وآراء الآخرين، فهناك فرق بين المُراسل والمُدوِّن.
  2. المُدوَّن لا يخاف التعبير عن رأيه، تجد صفحة تشرح شخصيته من اسمه وعمره وصورته ومستواه التعليمي وهواياته، لكن إن اضطر المُدوَّن لإخفاء شخصيته لأسباب أجهلها، فيفضل وضع مستواه التعليمي وعمره على الأقل.
  3. المُدوَّن يستعمل لغة سهلة وواضحة، لأن الإنترنت عالم مفتوح فيه كل العقليات والمستويات، ويحترم الاخرين ولا يستعمل الفاظاً هابطة.
  4. المُدوَّن أصلي، لا يقلد الآخرين وينسخ عنهم أفكارهم.
  5. المُدوَّنة عليها أن تكون مقسمة ومصنفة لتسهيل البحث فيها.
  6. المُدوَّنة عليها أن تكون بلغة واحدة وبتصميم مريح للعين بخطوط واضحة سهلة القراءة.
  7. المُدوَّنة يجب أن تحتوي على صفحة تعريفية تبين هدفها، فلا يملك الناس الوقت لتصفح كل الموقع لمعرفة المغزى منها.
  8. المُدوَّنة يجب أن تحتوي على وسائل لتسهيل المشاركة والتفاعل في مجتمع الإنترنت عن طريق توفير ميزة التعليقات، وكذلك روابط لتسهيل مشاركة المحتوى في المُدوَّنة في الشبكات الاجتماعية الشهيرة.

هذه هي معاييري في تحديد المُدوَّنة الناجحة والمُدوِّن الناجح وبشكل عام جداً دون الخوض في التفاصيل.

ما لا أحبه!

الآن إليك أشياء تجعلني أنفر من مدونتك وأهرب منها بسرعة الكليك!:

  1. أن يكون تصميمها سيء للغاية كمهرجان ألوان وإعلانات متحركة هنا وهناك وخطوط صغيرة الحجم.
  2. أن تعطيني انطباع سوداوي سلبي إما عن طريق ألوان قاتمة سوداء أو رمادية وإما عن طريق محتوى مواضيعها.
  3. لا توجد صفحة تعريفية بالمُدوِّن فأجهل مع من سأتحاور.
  4. لا توجد صفحة تعريفية بالمُدوَّنة فلا أدري ما هو توجهها العام.
  5. لغة عربية مفككة وقدرات إملائية تعود بي لمرحلة الدراسة الابتدائية.
  6. أن تكون مُدوَّنة ببغائية تكرر ما يحدث في الشارع من أخبار عامة جداً دون وجود لخصوصية الكاتب فيها.
  7. تحتوي على أخبار سياسية فتبدو كصفحة الجزيرة أو الـBBC ولغتها تقريرية مملة.
  8. ألا تكون موجودة فقط على موقع Facebook.com، لأن تصميم هذا الموقع وهدفه هو شبكة تواصل اجتماعي لا مِنصّة تدوين، فيمكنك ان تنشئ صفحة فيه للتواصل مع معجبي مدونتك لا أن تكون مدونتك بالأساس على الفيسبوك.

استثناءات

طبعاً هناك محتويات تجذبني وأخرى أنفر منها وهذا يرجع لتفضيلاتي، لكن ما ذكرته أعتبره من المعايير الهامة التي تحدد المدونة الناجحة من السيئة بالنسبة لي، وأتمنى ألا يفهمني أحد على أني أقلل من شان المراسلين الصحافيين، فهؤلاء مهمتهم سامية وعظيمة جداً، لكننا اليوم نتحدث عن التدوين الذي اختلط مفهومه على الكثيرين من بينهم حتى قنوات إخبارية مشهورة جعلت معنى كلمة مُدوِّن مُرادف لكلمة مُراسل، وشتان بين من يكتب رأيه حول الخبر وبين الناقل للخبر! فلا تستسهل الأمر وتستصغره!

ختاماً

باختصار عليك معرفة الفرق بين التعبير عن الرأي والتعبير عن آراء الآخرين، في الحالة الأولى ان تمارس حقك كإنسان في تسجيل ذاتك وإفراغها لتستقبل المزيد، أما في الثانية فأنت وسيلة نقل ليس إلا، مهما نمقّت ما كتبته فمادام يفتقر لرأيك الحر فيه فأنت لست بمُدوِّن!

لهذا، إن أردت أن تكون مدوناً، لا تكن مراسلاً، بل كن ذاتك وعبّر عنها.

هناك من سيختلف معي، كما أن هناك من سيشاطرني الرأي ويزيد على ما ذكرت، لهذا في مدونتي توجد ميزة مهمة جداً اسمها “أضف تعليق” وهي موجودة بالأسفل على الدوام، في كل صفحات المدونة، فقد تم اختراعها ليتفاعل الناس بين بعضهم البعض، لا بينهم وبين الكاتب فقط!

مصادر: ويكيبيديا

6 أفكار بشأن “من هو المُدوِّن؟”

  1. لاحظت ان في مدونين يكتب من اجل الكتابة,, معنداش رسالة,, هل هذا انعكاس لانعدام الاهداف في الشخص ام انه من الطبيعي ان تكون المدونة غير ذات فائدة أم هي كمذكرات للمدون, فقط للتعبير عن النفس بدون تقديم فائدة -علمية فكرية تنويرية – للقارئ

    1. لم أسمع بأحد يكتب لأجل الكتابة! في نظري الكتابة هي تجربة حياتية وخبرة شخصية جديرة بالقراءة وفيها فائدة قد تختلف عن الفائدة العلمية والفكرية التي تبحث عنها في الدروس.
      التدوين ليس كتابة دروس تعليمية، بل هو التعبير عن الرأي.

  2. تعريف شامل ومعاصر جمع بين التاريخي والتقني والرأي الشخصي.
    يبقى الحصول على مدونة والتعبير عن الرأي من خلالها نجاحا من نوع ما
    ما يفرض نظرة مختلفة لمفهوم النجاح.
    تحياتي

  3. تنبيه Pingback: المدون التقني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *