دوق منسي من كوكب فليد

ذاك البطل الطيب الأخلاق.. الحزين الهاديء والوحيد وحدة موحشة في الأرض..

من يذكره؟

تحضرني اليوم ذكريات طفولية كثيرة.. وقد سادني حنين شديد لرسوم غريندايزر.. لكم تأثرت بقصص شخصياته الكثيرة.. أمثال دايسكي وصديقه بعد الخصام، الأكثر من أخ: كوجي.. ولا أنسى الأشرار غاندال وزوريل وبلاكي وإخلاصهما لفيجا.. دامبي وبحثه الدائم عن اليوفو والأطباق الطائرة وإعتبارهم أصدقاء له.. وغورو وأصدقاؤه.. والدكتور آمون بصراحة كان مسلسل أكثر من رائع وإن توفر لي الوقت الآن لشاهدته!


قصته صراع بين الخير والشر… فيجا شرير وهو حاكم الكوكب فيجا.. دمر الكثير من الكواكب لغرض السيطرة عليها وفي قصتنا هذه كان آخرها كوكب فليد، فنشر فيه الفساد وقتل الأطفال والنساء والعجائز ولم يبقي على أحد إلا الامير دوق فليد (دايسكي على الأرض).. فقرر الانتقام والقضاء على فيجا بعد هروبه إلى الأرض.. فعاش فيها بعد مساعدة الدكتور آمون له وانقاذه من الموت، ويعتبر الدكتور آمون من يمثل المقاومة الأرضية لأطماع فيجا وبعدها إنضم له دوق فليد ليشكلوا فريقاً واحداً هدفهم القضاء على فيجا وإعادة الأمن والسلام لأرجاء المجرة.. وفي المقابل كان هدف فيجا هو الأرض، لكن الأبطال وقفوا ضده بمساعدة سلاحهم الخارق الرجل الآلي غرندايزر، وبفضله وبقية الأصدقاء كوجي وهيكارو وماريا ومن في مركز أبحاث الفضاء (المقاومة الأرضية) مع الدكتور آمون، استطاعوا إيقاف عدة هجمات لفيجا وبهذا بدأت المعركة بين قوى الخير وقوى الشر.

معارف صغيرة من هنا وهناك حينما رأينا أن الإلتحام بين مركبتي غريندايزر وكوجي لم تكونا هكذا إعتباطاً بل جاءت نتيجة تدريبات مكثفة وفي مختبر فيهما شكل جسد غريندايزر التجريبي وجزء من مركبة كوجي وهما يتدربان.. وكذلك مركبتي هيكارو وماريا.. وكأني بمنتجي الرسوم يريدون إفهامنا عدة مفاهيم وتوضيح عدة مناظر نراها عظيمة وسهلة جداً.. ولكنهم بهذه الطريقة يقولون لنا إنها لا تأت هكذا.. وكأني بهم يريدون القول أن هذا خيال لكن أن لا نسرح في الخيال..! وأن كل شيء عظيم نراه هو عظيم هكذا ومدهش لأن وراؤه عمل وتعب وتجارب وأخطاء وتفكير.. ليس إعتباطاً.

كل شخصية لها طابع خاص وهذا أكثر ما يميز رسوم غريندايزر (مغامرات الفضاء) ولكل شخصية طريقة حديث وتصرفات تختلف عن غيرها ولكل شخصية أهداف وتأثيرات في مجرى الرسوم ككل.. وهذا بحق ما متعنا.. بل ولكل حلقة قصة خاصة بها.. ولا أنسى حلقة القبض على كوجي وحلقة العراك بين غاندال الذراع الأيمن لفيجا وزوجته من يسكنان في جسد واحد.. والذي كاد أن يقضي على غريندايزر لولا خيانة القائد الآخر الحسود الحقود زوريل..!

الحلقة الأخيرة ومعركة جريندايزر مع فيجا سلبت أنفاسي.. حتى حينما إنتهى فيجا لم أصدق أن هذه هي النهاية.

هذا بإختصار مغزى قصة الرسوم غريندايزر.. وهو ياباني بالأصل.. وبعد بحثي في الإنترنت إكتشفت لأول مرة منذ الصغر من أنتج لي هذه القصة الرائعة التي أعطتني الكثير والكثير من المواقف التي بينت معنى الصداقة والوفاء والشجاعة والإقدام سواء كانت تحدث مواقفها بين الأشرار أم الأخيار.. لأول مرة مع غريندايزر أعرف ما معنى الإستبسال والإصرار من أجل الحق والعدل.. ولأول مرة أعرف أن الخيانة لا تقتصر بين شرير وطيب.. بل يمكن أن تحدث بين الأشرار كذلك.. ولأول مرة أعقل أن الوفاء لا يعرف طيب أم شرير.. فالأشرار أوفياء لبعضهم البعض.. وكذلك معانٍ مثل الخيانة والظلم والضعف والقسوة.. أوصلت لجيلنا ذاك الوقت مفاهيم هامة جداً.. وبطرق مشوقة.. تجعلنا ننتظر قدومه في بيتنا كل يوم الساعة الخامسة مساءً.

أعترف أن شخصياتنا قد بنتها هذه العقول الجبارة التي أخرجت لنا أعمال كغريندايزر:

صاحب العمل: Go Nagai
المخرج: Masayuki Akemi, Tomoharu Katsumata
الكاتب: Go Nagai, Dynamic Kikaku
مصمم الشخصيات: Shingo Araki
الرسام: Shingo Araki
الموسيقى: Shunsuke Kikuchi
الشركة المنتجة: Dynamic Planning, Toei Animation, Fuji TV

آخر حلقة كانت من أكثر المواقف حزناً.. وإلى الآن لازال شعوري تجاه دايسكي كشعور كوجي حينما غضب باكياً لرغبة الدوق فليد وأخته ماريا العودة لكوكب فليد.. دمعت عينا دايسكي لأن صديقه لم يأت ليودعه.. وبعد الإرتفاع الوردي اللون لغريندايزر.. عاد كوجي بمركبته وقدم الوداع بالشكل الذي يتماشى معه.. جنباً إلى جنب في الفضاء.. وقد كان شعوري هو ذات الشيء تماماً حزين جداً بمسحة غضب مثل كوجي.. أذكر أني كنت أبكي بشدة.. ولآخر حلقة أفهمنا المنتجون معنى أن لا نكون انانيون.. وأن لا نريد كل شيء لنا فقط.. وأن النهاية السعيدة ليست إلا بسعادة الأشخاص ذاتهم.. بسعادة غيرهم.

هل لاحظتم قوة الأداء في إنتاج موسيقى الرسوم بكاملها؟؟ تعطيني شعور أن هؤلاء يأخذون المنتج على محمل الجد.. وإنها عمل فني ورسالة قبل أن تكون مجرد تجارة.. وهل لاحظتم أن أقصر جزء في الحلقات هو الذي يتضمن العراك بين غريندايزر وأحد وحوش فيجا؟؟؟ أي أن أقصر أجزاء الرسوم هي التي تحتوي على مشاهد العنف.. بينما التركيز يصب على أشياء أخرى من أحداث الشخصيات؟

هل راجعتم وقارنتم ما يُقذف علينا اليوم من ترهات وما يسمى بالرسوم المتحركة وبين ما كنا نشاهده قبل 20 سنة؟ فشخصياً قد قمت بمراجعة بين ما كان وبين الآن.. وحقاً أشفق على أطفالي مما سيرونه.. وأسأل: ماذا قدم لنا أبطال الديجيتل؟ وغيرهم؟

لا أملك إلا أن أقدم ألف تحية لمن قدموا لنا هذا الإنتاج العظيم.. والذي هو بشهادة الجميع.. أشهر رسوم تمت دبلجته للغة العربية.